للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومغيبه، ومشهده، واطّلعوا على بواطن أمره، وشُعبِ نسبه وتزوجه، ففي مثل هذه الحالة يسلِّم القاضي ميراثه أجمع إلى الابن الذي فرضنا كلامنا فيه، ولا يطالبه بكفيل -مع قيام البينة- إجماعاً، ثم اتفق الأصحاب على أنه يكفي في ذلك شاهدان عدلان من أهل الخبرة الباطنة.

وذكر بعض المصنفين (١) أنه لا بد من ثلاثة يشهدون، وذكر هذا الوجهَ أيضاً في إثبات الإعسار، واعتلَّ بأن الشهادة في البابين مستندُها النفيُ، فبعدت الإحاطة بالمقصود. وهذا الذي ذكره لا أصل له، ولم يصر إليه أحد من الأصحاب، لا هاهنا ولا في الإعسار، فإن ذكر هذا اشتراطاً، فخطأٌ صريح، وإن ذكره احتياطاً، فالأمر أقرب.

ثم اشترط الأصحابُ كونَ الشهود من أهل الخبرة الباطنة، وهو صحيح، ولكن إذا ذَكَر عدلان أنهما خبرا باطنَه، اعتمد القاضي شهادتهما في ذكر الخبرة، كما يعتمد شهادتهما في أصل الواقعة، ثم إذا لم يذكرا كونهما خبيرين، نُظر: فإن عرف القاضي أنهما مخالطان للمتوفى سفراً وحضراً، لم يستبْحث، وإن لم يعلم ذلك، راجعهما، وأبان لهما أن الشهادة في الباب تعتمد الخبرة، وتستند إليها لا غير، فإذا ذكرا أنهما خبيران بالباطن، قُبل حينئذ شهادتهما، ثم إذا قالا مع إظهار الخبرة: لا نعرف له وارثاً غير هذا، كفى. وإن قالا: لا وارث له غيره، قُبل ذلك، مع ما فيه من المجازفة، وحُمل على الممكن في الباب من الاحتياط.

١٢٢٦٤ - ولو مات الرجل، وخلّف زوجة، وثبتت زوجيتُه عند القاضي، وأشكل هل له زوجة سواها؟ فقد قال الأئمة: يدفع إليها في الحال من غير تربص المقدارَ المستيقن لها، وهو ربع الثُّمن عائلاً بأقصى ما يتصور من العول، وهو بيّن في الفرائض؛ فإنه لا سبيل إلى منع المستيقَن، ولا مزيد عليه في الحال، مع اطراد الإشكال، والمسألة مفروضة فيه (٢)، ثم إذا بأن الورثة واحتجنا إلى أن نزيدها، زدناها.


(١) بعض المصنفين: سبق مراراً القول إنه يقصد به (أبا القاسم الفوارني).
(٢) فيه: أي في الإشكال.