للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلغو من حيث لا حاجة إليه، وبين أن لا يقبل لتأكد الإقرار.

وإذا قال المدعى عليه في مسألتنا: غصبتُ الدار من أحدكما، ثم رام رجوعاً عن أصل الإقرار، لم يقبل منه ذلك، والفرق أن المقر له منحصر، والطلب متوجه منهما، وإذا طالباه، فقد طالبه من أقر له، فلا يتصور والحالة هذه الرجوع.

وقد ذكرنا أن الدار تخرج من يده وجهاً واحداً، ثم تتوجه الدعوى منهما عليه، وكل واحد يخاصمه وحده، ويقول: غصبت مني، ويطالبه باليمين، وهي على البتّ أم على نفي العلم؟ ذكر الشيخ أبو علي في ذلك قولين مبنيين على أنه لو نكل عن اليمين في حقهما، فهل يغرم لكل واحد منهما نصفَ القيمة، وفيه القولان المشهوران. فإن قلنا: إنه يغرَم، فيحلف على البت؛ فإنه يمين ينفي بها فعل نفسه، والنكول عنها يثبت مالاً عليه، فيطالبه كل واحد بأن يحلف: ما غصبت منك قطعاً، فإن نكل، رُدَّت اليمين على خصمه.

وإن قلنا: إنه وإن نكل عن اليمين وحلفا، لا يلتزم شيئاً، فلا يطالب بيمين البتّ، بل يحلف على نفي العلم، كما لو كان في يد الرجل وديعة، فقال: لست أدري أنها وديعة لزيد أو لعمرو، فيحلف على [نفي] (١) العلم، وقد ذكرتُ مسألة الوديعة في كتابها، والجامعُ أن الغاصب ليس يغرَم على وجهٍ كما لا يغرم المودَع، ثم المودَع لا يحلف على البت، فكذلك الغاصب في مسألتنا. هذه طريقة.

ويتجه عندنا أن يطالَب بالقطع في اليمين، ثم لو نكل، لم يلزمه شيء، لأنه يحلف على فعل نفسه، فلتكن يمينه على [البتّ] (٢).

وإذا كان النكول لا يُلزمه شيئاً، ولا يثبت عليه مرجعاً، فلا ينبغي أن يترك قياس الأيمان (٣) من غير غرض.


(١) زيادة اقتضاها السياق، حيث سقطت من النسختين.
(٢) في النسختين: على نفي العلم وهو مخالف للسياق، والمثبت تصرف من المحقق على ضوء المعنى، واستئناساً بما في البسيط للغزالي، وبما في مختصر العز بن عبد السلام.
(٣) لأن قياس الأيمان أن من حلف على فعل نفسه، حلف على البت، وعبارة العز بن عبد السلام
توضح ذلك إذ قال: "وقال الإمام: يحلف على البت -وإن قلنا لا يغرم- طرداً لقاعدة =