للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصية صاحبه، فيسلّم الثلث كَمَلاً إلى الأول؛ جرياً على القياس الذي مهدناه؛ لأنه أقر له أولاً. وقد ذكرنا أنه لو قدم الإقرار بالوصية، وأخر الإقرار بالدين، أكملت الوصية لتأخر الإقرار بالدين عن الوصية. وهذا أولى من وصية تقدم على وصية.

١٢٣٠١ - ولو خلَّف المتوفى عبداً قيمته ألف، فقال العبد: أعتقني أبوك في صحته، وقال رجل: لي على أبيك ألف درهم دين، فصدقهما معاً، فالذي صار إليه الأئمة أنه يعتِق نصفُه، ويصرف نصفه إلى الدين إذا وقع الإقرار بهما معاً.

وذكر بعض أصحابنا وجهاً غريباً أنه يعتق كله، ويسقط الدين؛ فإنه إذا ثبت العتق في الصحة، فهو مقدم على الدين، فينفذ العتق، ويسقط الدين.

وهذا ليس بشيء؛ فإن هذه المسألة فيه إذا كان صاحب الدين يكذّب دعوى العتق، فأما إذا اعترف به وبجريانه في حالة الصحة، فلا إشكال في المسألة.

١٢٣٠٢ - ولو خلف ابناً وألف درهم، فجاء رجل وادعى دين ألف، فصدّقه الابن، ثم جاء آخر وادعى دين ألف، وأقام على ذلك بينة، وكذّب الأول في دعواه، فالتركة بجملتها تسلّم إلى الثاني وليس للأول منها شيء؛ فإن البينة في حق الثاني مقدمة على الإقرار في حق الأول، والمسألة مفروضة فيه إذا أنكر الثاني دين الأول.

ولو كانت المسألة بحالها، فجاء واحد، وادعى وصية له بالثلث، فصدّقه الوارث، ثم جاء آخر، وادعى الوصية بالثلث، وأقام على ذلك بينة، وأنكر الوصية الأولى، فيسلم إلى الثاني الثلث بكماله، ثم إذا سُلّم الثلث، فالأول يقول للوارث: قد أقررت لي بثلث جميع المال، وهذا الآخر أخذ الثلث بشهادة زور، [وأنت] (١) معترف بكونه مبطلاً، والمسألة مفروضة هاهنا (٢)، فاصرف إليّ ثلث الثلثين، وقدِّر ما أخذه من ادعى الوصية تالفاً من التركة، فالوارث يجيبه إلى ما قاله؛ فإنه أقر له بثلث شائع في جميع المال، وقد فات ثلثه من التركة، فله ثلث الباقي.


(١) في الأصل: " وأنه "، والمثبت من (ت ٥).
(٢) أي مفروضة في تكذيب الوارث للمدعي الثاني.