للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن اختار أحدَهما وألحقه القائف بالثاني، فهذا موضع النظر؛ من جهة أن القيافة تليق بحالة الصغر؛ إذ لو ادعى رجل نسب بالغ، وهو ينكر، فاستشهد المدعي بقائف، فلا يجوز أن يكون قولُ القائف حجةً في هذا المقام، والمستلحَق المدعى بالغ مستقل، وادعاء الرجل نسبه كادعائه مالَه، ولكن إنما ترددنا في المسألة الأولى؛ لأن الولد في حكم النسب كابنٍ في أيديهما، وتثبت عُلقة النسب، بل حقيقة النسب من أحدهما؛ فإن هذا إذا بلغ لا بد وأن يختار أحدهما، إلا على وجه بعيد، في أن الطفل لو بلغ ونفى النسب أنه ينتفي أخذاً من الإسلام والتبعية فيه.

فإذا جرينا على الصحيح، فالنسب ثابت من أحدهما، وقد اختار، وقال القائف خلاف اختياره، وهذا محتمل جداً، وفي أثر عن عمر ما يرشد إلى مسلك في هذه المسألة؛ فإنه أرى الولدَ القائفَ أولاً، فلم يأت القائف بما يرضيه في قصة مشهورة (١)، فأدب القائفَ، ثم قال للمولود: والِ من شئت، وأراد الانتساب.

فيمكن أن يكون ذلك بعد البلوغ. ويظهر أن يكون في الصغر. فإن ابتداء الدّعوة لو كان بعد البلوغ، فلا قائف، كما مهدته فيما تقدم - والعلم عند الله.

وقد تناهى التنبيه (٢)، وإنعام النظر موكول إلى نظر الفقيه.

ثم عقد باباً (٣) وذكر فيه استلحاق الكافر والعبد وطرفاً من أحكام إسلام الطفل بالتبعية، أما ما يتعلق بالاستلحاق، فقد ذكرناه، وأما أمر التبعية بالإسلام فقد استقصيناه في كتاب اللقيط.

...


(١) أثر عمر في القيافة رواه الشافعي والبيهقي، قال الحافظ: بسندٍ صحيح إلى عروة، وعروة عن عمر منقطع (ر. السنن الكبرى: ١٠/ ٢٦٣، ومعرفة السنن والآثار: ح ٦٠٠٠، والتلخيص: ٤/ ٢٨٧ ح ٢٦٩٥).
(٢) ت ٥: " الشبه ".
(٣) يشير إلى أبواب ومسائل في المختصر، وكأنه ينبه إلى مخالفته الترتيب في إيرادها.