للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريك، وامتناع إحباطه نقداً وإحالته على الذمة، فرأى الوقفَ وسطاً بين هذين.

١٢٣٤٢ - ثم مذهبنا أن عتق المعسر لا ينفذ في نصيب صاحبه، وإنما يسري عتق المتمكن من أداء قيمة نصيب الشريك.

وليس يمتنع في العبد المشترك عتقُ البعض وبقاءُ الرق في البعض، وإنما يبعد ذلك على اختلافٍ في ضرب الرق ابتداءً على البعض مع بقاء الحرية الأصلية في البعض، ونحن نذكر في ذلك صوراً: منها - أنه إذا كان بين المسلم والذمي عبد مشترك، فأعتقاه، والعبد كافر، فنقض المعتَق (١) العهد، والتحق بدار الحرب، فَسُبي، فلا يُسترق نصيبُ المسلم، وفي استرقاق نصيب الذمي وجهان؛ لأن معتِقَه لا يزيد عليه، ولو التحق هو بدار الحرب، لاسترققناه إذا رأينا ذلك؛ فإذاً هذا الخلاف ليس من أثر التبعيض، بل هو في تردد الأصحاب في أن معتَق الذمي هل يسترق؟

والإمام إذا أسر جماعة من الرجال فأراد أن يَرِقَّ بعضَ واحد منهم، ويترك بعضه على الحرية -إن لم يكن فيه مصلحة- لم يجز، ولو فعل على خلاف المصلحة، فقال: أرققتُ نصفك، فأمره محمول على المصلحة على الظاهر، ولكنا نجري ما نجريه في حقه، وإذا لم نصحح إرقاق البعض، فقد أشار الأصحاب إلى وجهين: فقال بعضهم: إرقاقُ البعض منهم إرقاقٌ للكل، والمسألة مفروضة فيه إذا كان في إرقاق جميعه مصلحة. ومن أصحابنا من قال: يلغو لفظُه، ولا يَرِق منه شيء.

وإن رأى الإمام في إرقاقِ بعضه وجهاً من المصلحة. حتى يجدّ في الاكتساب لنصفه الحر، فهل يجوز له أن يُرق (٢) بعضَه؟ فعلى وجهين: أحدهما - يجوز ذلك، كما يتبعض الرق والحرية في العبد المشترك إذا كان المعتق معسراً، فإذا جاز ورود الحرية على بعض الرقيق، جاز ورود الرق على بعض الحرية. والوجه الثاني - لا يجوز؛ فإن أحكام الحرية والرق متناقضة، فينبغي ألا يختار التبعيضَ فيها، وعِتقُ المعسر لا سبيل إلى رده، ولا سبيل إلى تنفيذه في نصيب شريكه، فأما ضرب ابتداء


(١) سقطت من (ت ٥).
(٢) رَقّ: من باب ضرب، يتعدى بنفسه، وبالهمزة.