متصلاً باللفظ، فإن أخرنا تحصيل العتق إلى وقت الأداء، فقد اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: تعتبر قيمة يوم الأداء. فإن التلف يحصل حينئذ، فيجب اعتبار قيمة يوم التلف. والوجه الثاني - أنا نعتبر قيمة يوم الإعتاق؛ فإن الحجر على الملك حصل في ذلك اليوم.
وفي بعض التصانيف وجه ثالث، هو الصواب - وهو أنا نعتبر أقصى القيم من يوم العتق إلى يوم الأداء؛ فإن الإعتاق سببٌ متصل إلى الإفضاء إلى التلف، فيجب أن يكون بمثابة جراحة العبد، ومن جرح عبداً، ثم مات بعد زمان، اعتبرنا قيمته أقصى ما يكون من يوم الجرح إلى يوم التلف، وكذلك من غصب عبداً، وتلف في يده، ألزمناه أقصى القيم؛ لأننا نُنْزل الغصب منه بمنزلة التسبب إلى التلف. هذا ما ذكره الأصحاب، ولا بد من بحث فيه.
أما إيجاب الأقصى، فمصرِّحٌ بالغرض، لا بحث فيه، وأما من قال: يُعتبر يوم الإعتاق، فمعناه عندي إدخال يوم الإعتاق في الاعتبار، وإلا فلا وجه لإنكار اعتبار القيمة بعده، لما قدمناه.
وقد ينقدح -على بُعْده- أن يقال: صار الملك كالمهلَك يومئذ فلا يعتبر ازدياد بعده. وهذا يلتفت على ما حكيناه في المهر.
وأما من اعتبر يومَ أداء القيمة، فلا اتجاه له إلا على مذهب من لا يمنع العتق والبيع، فيكون بذل القيمة يومَ الأداء كبذل الثمن المسمى من الشفيع، وكأن الاعتياض يجري يوم البذل، والقيمة يومئذ ممثلة بالثمن.
١٢٣٥٨ - ثم قال الشافعي:" وإن كان معسراً، عَتَقَ نصيبه، وكان الشريك على ملكه ... إلى آخره "(١).
أراد بذلك أن العتق إذا وقف على نصيب المُعْسر، فالشخص يستقل بموجب الحرية في بعضه، وعليه حكمُ الرق في بعضه.
ولعلي أجمع في آخر العتق ما يحضرني من أحكام مَن بعضه رقيق وبعضه حر.