أحدهما - أنه من ثلثه، لأنه عتقٌ ترتب على حصول الملك في مرض الموت، فأشبه ما لو اتهب المريض عبداً، ثم أعتقه، فالعتق من ثلثه -وإن كان استفاده بتبرع عليه-.
والوجه الثاني - أن العتق في الشقص الموروث لا يكون محسوباً من الثلث لعلتين: إحداهما - أنه ملك حصل بغير اختيار، والعتق فيه ضروري حيث يحصل، فهو خارج عن قبيل التبرعات، بل هو عتق مستحق شرعاً في ملكٍ ثابتٍ شرعاً، هذا أحد المعنيين. والمعنى الثاني - أنه ملك لم يَبْذُل في مقابلته عوضاً.
ولو اتهب من يعتق عليه، أو قَبِله وصيةً، وهو في مرض موته، فالعتق هل يحسب من ثلثه؟ في المسألة وجهان مرَتبان على الوجهين فيما يحصل إرثاً، فإن قلنا: ما حصل إرثاً، فالعتق فيه محسوب من الثلث، فلأن يحسب ما نحن فيه من الثلث أولى.
وإن قلنا في الموروث: إنه لا يحسب من الثلث، فهاهنا وجهان مبنيان على المعنيين. ولا يخفى وجه التلقي منهما.
١٢٣٨٦ - ومما ينبني على ذلك أنه لو ورث ابنه في مرضه، ثم مات المريض، فهل يرثه الابن الذي عَتَقَ عليه؟ هذا يخرج على الخلاف الذي قدمناه في أن العتق الحاصل بهذه الجهة هل يكون محسوباً من الثلث أم لا؟
فإن قلنا: لا يحسب من الثلث، ورثه الابن، وإن قلنا: العتق محسوب من الثلث، لم يرث، لأن العتق وقع وصية له، فلو ورّثناه، لاقتضى ذلك ردّ الوصية، وفي ردها إرقاقه وإخراجه عن كونه وارثاً.
وإذا ورث ابنَه أو أباه، كما صورناه، ولا مال له سواه، فكم يعتق منه؟ في المسألة وجهان: إن قلنا: إنه من الثلث، عَتَقَ ثلثُه، ورق ثلثاهْ للورثة، وإن قلنا: هو من رأس المال، عتق كله.
فإن قيل: لم تذكروا خلافاً فيه إذا اتهب عبداً في مرضه وأعتقه؟ قلنا: لأن ذاك تبرع منشأ على الاختيار في ملكٍ حاصل، ولو ورث عبداً وأنشأ إعتاقه في مرضه، فلا