وإن كان مثلَه في السن أو على حدٍّ لا يُتَصوَّر أن يكون ابنَه، لغا لفظُه، ولم يعتِق، فإنه قال محالاً، خلافا لأبي حنيفة (١)، فإنه حكم بالعتق.
ولو قال لعبده - وهو معروف النسب لغيره:" أنت ابني " فالنسب لا يلحقه، وفي حصول العتق وجهان: أحدهما - لا يحصل؛ فإنه تبعُ النسب، والثاني - يحصل؛ لأن النسب ممكن، وهو مؤاخذ بإقرار نفسه في العتق، وإن رُد قوله في النسب.
ولو قال لزوجته:" أنتِ بنتي " فالقول في حصول الفراق والنسب كالقول في حصول العتق.
فصل
١٢٣٩٠ - العتق يجري فيه الصريح والكناية، فصريحه الإعتاق، والتحرير، وفي فك الرقبة وجهان: أحدهما أنه صريح لجريان ذكره في الكتاب، فإنه تعالى قال:{فَكُّ رَقَبَةٍ}[البلد: ١٣]، وهذا الخلاف يرجع إلى أن ما جرى ذكره مرةً في الكتاب، هل يلتحق بالصريح؟ ونظيره الاختلاف في أن لفظ الإمساك هل هو صريح في الرجعة؟ ولفظ المفاداة هل هو صريح في الخُلع؟ وفيهما وجهان.
وأما الكنايات، فكل لفظ يتضمن إزالةَ الملك، ويشعر بها، فهو كناية، كقوله: لا ملك لي عليك، ولا سلطان، ولا سبيل. وكقوله: أزلت ملكي عنك، أو أزلت يدي، أو حرَّمتُك، أو طلقتك، أو لا سلطان لي عليك، أو لا سبيل، وما شاكل هذا، ولا حصر عندنا لكنايات العَتاق، كما لا حصر لكنايات الطلاق.
ولو قال لعبده:" يا مولايَ "، ونوى العتق عَتَقَ؛ إذا هو لفظ يطلق على المعتَق، فإن المعتَق يسمى المولى الأسفل، واللفظ كناية لا تعمل إلا بالنية؛ فإنه مشترَكٌ بين معان: يراد به ابن العم، والناصر، والمولى الأعلى.
وإذا قال لعبده:" يا سيدي " قال القاضي: لم يَعْتِق -وإن نوى- فإنه من السؤدد،