للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيكون عِتقُ غانم مبدّأ (١) على عتق سالم عند ضيق الثلث، وإن كان قد قال لسالم: فأنت حر مع عتقه؛ وذلك لأنه جعل عتق غانم شرطاً في عتق سالم، والمشروط لا يقع إلا بعد الشرط، وقد يقع العتق مرتباً، فيقدم الأول منهما.

وقد ذكر الأصحاب عن صاحب التقريب: أنه إذا أعتق نصيَبه، لم يسر عتقُه، وعَتَقَ نصيبُ الثاني (٢) بتعليقه السابق، وقد خالفه الأصحاب في هذا. فقالوا: عِتْقُ الشريك يسري، ولا يقع العتق المعلّق، فانتظم وجهان في مسألة الشريكين: أحدهما - اعتبار قول المعلِّق في الاجتماع، وذلك ينافي السراية. والثاني - أن العتق يترتب في المعنى، فهو كما لو قال: مهما أعتقتَ نصيبَك، فنصيبي حر، وهذا التردد يوجب اختلافاً في مسألة سالم وغانم، حتى يقال: يحتمل أن نحكم بوقوع العتق فيهما ظاهراً معاً، ويكون كما لو أعتقهما في مرضه، فيقرع بينهما.

وفي المسألة غائلة وبكشفها نكشف الغرض، فنقول: إذا أعتق الرجل في مرضه عبيداً لا مال له غيرهم، فعتقه في المرض وصيةٌ محسوبة من الثلث، والوصية الزائدة إذا ردّت، ففيها قولان: أحدهما - أنها ثبتت، ثم ردت، والثاني - أنها إذا خُصرت، تبين أنها (٣) لم ينفذ غيرُ ما بان.

ومما يجب التنبه له أن من علّق عتقاً على عتقٍ، فمذهب الشافعي أن العتق الذي هو صفة، لا يقنع فيه باللفظ، بل لابد من عتق صحيح، وكذلك القول في البيع وغيره من العقود، وقد قررنا هذا في كتاب الأيمان.

فإذا تبين هذا، رجعنا إلى الغرض.

فإن اعتقدنا الجمع تمسكاً باللغة (٤)، وهو مقتضى الصيغة، فلا نعول على الشرط والمشروط؛ فإن التعليقات تحتمل تقديم المشروط على الشرط؛ فإن الرجل إذا قال لامرأته: إن دخلت الدار، فأنت طالق قبل دخولك بشهر، ثم مضت أشهر،


(١) مبدّأ: أي مُقدّم ومُفَضَّل (المعجم).
(٢) في النسختين: " شريك الثاني ".
(٣) كذا. وضمير الحال والشأن يعود على الوصية. والله أعلم.
(٤) يعني قوله: " مع عتقه ".