للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقول الرجل لأمته إذا وطئتك فأنت حرة، وهذا واضح، فلو وطىء وغيّب الحشفة، ثم نزع، فالموطوءة تدخل في الإبهام. ولو وطىء واستدام -والتفريع على أن الوطء يتضمن تعييناً لو تقدم الإبهام عليه، مثل أن يقول لأمتيه إحداكما حرة، ثم وطىء واحدة منهما- فتتعين الأخرى للعتق.

فإذا قال للإماء الأربع: إذا وطئت واحدة منكن، فواحدة حرة، فوطىء واستدام، وقد وضح أن ابتداء الوطء لا ينافي العتق في هذه الصورة. فإذا استدام، فهل يتضمن الاستدامة إخراج الموطوءة عن العتق؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنها تخرج عن إبهام العتق؛ فإن الاستدامة تدل على أنه يبغي استبقاءها، والثاني - أنها لا تخرج عن إبهام العتق بالاستدامة؛ فإن استدامة الوطء حكمها حكم ابتدائه، وقد ذكرنا أن ابتداء الوطء لا يخرجها عن إبهام العتق.

وهذا يقرب من اختلافٍ ذكرناه فيما تقدم، وهو أن الرجل إذا قال لأمته: إذا وطئتك فأنت حرة، فوطئها، فلو وطىء، لم يلتزم مهراً إذا نزع كما (١) غيّب، ولو استدام، فهل يلتزم بالاستدامة مهرها؟ فعلى وجهين. وقد ذكرنا نظير ذلك في كتاب الإيلاء، فيه إذا قال لامرأته: إذا وطئتك، فأنت طالق ثلاثاًً. وهذا الاختلاف في المهر مما تمس الحاجة إليه.

١٢٤٠٩ - عدنا إلى مسألة ابن الحداد. قال: إذا كان له أربع من الإماء، فقال: كلما وطئت واحدة منكن، فواحدة منكن حرة، ثم وطىء واحدة، وثانية، وثالثة، فقوله " كلما " يتضمن تكرير العتق، وقد وطىء ثلاثاً منهن، فاقتضى ذلك تكرير العتق ثلاث مرات. فإن فرعنا على أن الوطء يتضمن التعيين للملك -وقلنا: الاستدامة تتضمن التعيين أيضاً، والمسألة مفروضة فيه إذا استدام الوطء في كل واحدة- فالجواب على هذا أنه يتعين للعتق الأولى والثانية والرابعة وترق الثالثة.

وبيانه أنه لما وطىء الأولى، فقد وقع عتق، وخرجت الأولى عن كونها معينة؛ فإنها تعينت للملك بالاستدامة، وخرجت الثانية والثالثة عن ذلك العتق أيضاً، فتعينت


(١) كما: بمعنى عندما.