للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الغرة، فلا يلتزم لصاحبه إلا نصف الغرة، فإن سبب وجوب الضمان (١) الغرةُ بدليل أنه لو انفصل من غير جناية، لم يجب شيء من الضمان، فينبغي أن يُعتبر مقدارُ الغرة كما اعتبرنا أصلها.

قال الشيخ أبو علي: الوجه ألا ننظر إلى مقدار الغرة ونسبة عُشر قيمة الأم إليه، بل نقول: يلتزم نصفَ عُشر قيمةِ الأم بالغاً ما بلغ؛ فإن انفصاله مضموناً بمثابة انفصاله حياً، والدليل عليه أن الغرة الواجبة يستحقها وارث الجنين، وقد لا يستحق المعتق منه شيئاً، ومع هذا ألزمناه الغرم، وإنما كان يجب مراعاة المناسبة بين الغرمين لو كان الواجب بالجناية للمعتِق، فإذا كان يغرَم بعتقه وليس له من الغرة شيء، فيلتزم نصفَ عشر القيمة من غير التفات إلى المقدار والتساوي والتفاوت.

فرع:

١٢٤١٥ - إذا قال مالك عبدين: أحدكما حر على ألف درهم، فقالا جميعاً: قبلنا، معناه قبل كل واحد منا ألف درهم؛ فإنهما لو قبلا ألفاً على معنى التوزيع، لم يعتق واحد منهما؛ فإنه علّق عتق أحدهما بقبول أحدهما ألف درهم، فإذا قال كل واحد منهما: قبلت الألف، فقد تحقق متعلَّق العتق، فوجب الحكم بنفوذه على الإبهام.

ثم لو مات المولى، وقلنا: لا يقوم الوارث في البيان مقامه، أو لم يكن له وارث معين، فنُقرع بينهما. فمن خرجت عليه القرعة، ألزمناه.

وفيما نُلزمه وجهان: أصحهما - أنه نُلزمه قيمةَ رقبة نفسه، فإن القبول جرى في مقابلة إيجاب مبهم. ولا تصح المعاوضة على هذه الصفة، ولكن نفذ العتق لتحقق الصفة، فالرجوع إلى قيمة الرقبة الفائتة بالعتق.

وحكى الشيخ وجهاً آخر أن من تعيّنه القرعة، فعليه الألف المسمى، ويقبل المسمى الترديد، كما قَبِل العتقُ في نفوذه ذلك اتباعاً لعوض العتق، وهذا بعيد لا اعتداد به.


(١) سبب وجوب الضمان الغرة: المراد ضمان الشريك لشريكه، فلو لم توجد الغرة -كأن انفصل ميتاً بغير جناية- فلا ضمان على الشريك. هذا معنى كون الغرة سبباً في الضمان.