للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ينجر إليه ولاؤه، فيصير مولى نفسه، أو ينجر ويزول وكلاهما بعيد، فإن الولاء لا يزال بعد ثبوته أصلاً.

وقال ابن سريج ينجرّ الولاء عن موالي الأم، فينقطع ويصير الولد بمثابة من لا ولاء عليه أصلاً. وهذا بعيد (١) لا تفريع عليه.

١٢٤٢٨ - ومن الأسرار التي بالغفلة عنها يستبهم الباب على طالبه أنا إذا كنا نجرّ الولاء إلى جانب الأب، فلسنا نعني بذلك أن الولاء يثبت للأب، ثم يثبت منه لمولاه ومعتِقه، ولكن لا يثبت الولاء على الولد إلا للأب، ولا نقول: المعتَق إذا كان له ولد، فله ولاؤه، وليس كالمعتِق إذا أعتق عبداً؛ فإن ولاءه لمعتِقه، ثم بعده لمعتِق المعتَق، والدليل على ذلك أن الابن من المعتَقة إذا اشترى أباه المملوك، فالولاء لا ينجر عن مولى الأم على الظاهر، ولا نقول ينجر إلى الوالد ولا ينجر منه إلى [الولد] (٢). ولا يستغني الناظر في مسائل هذه عن تفكر وردٍّ إلى النظر والتدبر.

١٢٤٢٩ - ومما ذكره الأئمة في أصول الجر أن المملوك لو نكح معتقة، وولدت، وقلنا: الولاء لمولى الأم لا محالة، والزوج عبد، فلو كان أبوه الذي هو جد المولود عبداً أيضاً، فلو اشترى إنسان جده وأعتقه، فهل ينجرّ الولاء إلى معتِق الجد؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - ينجر إليه؛ فإن الجد أصل المولود من قبل أبيه، وقد حصل العتق فيه. والثاني - أنه لا ينجر الولاء بإعتاق الجد؛ فإن الأب باق رقيق، والعتق فيه ممكن، فلو قلنا: لو أُعتق الأب، انجر من معتق الجد إلى معتق الأب، فهذا ولاء مجرور غير مستقر، وهو بعيد، وإن قلنا: لا ينجر من معتق الجد إلى معتق الأب، فهو بعيد، فالوجه أن نقول: لا ينجر إلى معتِق الجد أصلاً. والأصح [الوجه] (٣) الأول. وهو أنه ينجر إلى معتق الجد، ثم ينجر منه إلى معتق الأب.


(١) خالف الغزالي إمامه في ذلك، إذ قال: " واستبعاد هذا من ابن سريج؛ يبعد عندي، فإنه صار أولى بنفسه من غيره، فيستفيد قطع ولاء موالي الأم عن نفسه " (ر. البسيط: الجزء السادس، صفحة رقم ٣٨٤ - مخطوطة مرقمة الصفحات).
(٢) في الأصل: " المولى ". والمثبت من (ت ٥).
(٣) زيادة من (ت ٥).