يبطل على المرأة غرضها في عين الصداق وعَوّض الزوجَ عنها نصف القيمة، حتى قال: لو زادت عين الصداق زيادة متصلة، فللمرأة الاستمساك بالعين، وغرامة نصف القيمة، فقد أتى هذا من خاصيةٍ في الصداق، وهذا إلى خبط عظيم للأصحاب تقصيناه في موضعه.
هذا مقدار غرضنا في حكم التدبير ومقصوده.
١٢٤٥٤ - فأما القول في حقيقة التدبير إذا نُسب إلى سائر التصرفات، فقد قال الأئمة: للشافعي قولان - في أن التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة؟ أحد القولين - أنه وصية، وإليه ميل المزني، ووجهه أن مقصوده يقع بعد الموت، قياساً على سائر الوصايا، ولو كان في حقائق التعليق، لانقطع بالموت، ولبعُد أن يتعلق بالموت؛ فإن الرجل إذا قال لعبده: إذا دخلت الدار، فأنت حر، فدخل الدار بعد موت المعلق، لم يعتق، وإن وفّى الثلث.
والقول الثاني - أنه تعليق. ووجهه أن حكم الألفاظ يؤخذ من صيغها في التقسيم الأولي، والمعنيّ بالتعليق ربط العتق بصفة ماضية أو مرتقبة، والتدبير بهذه المثابة، والوصية تنشأ إيقاعاً بعد الموت لو يفرض فيها قبول، والتدبير بخلاف ذلك.
ثم على القولين لا يمتنع من تصرفات المولى شيء، وإنما فائدة القولين أنا إن جعلنا التدبير وصية، فيصح الرجوع عنه من غير تصرف، قياساً على الرجوع عن الوصايا. ثم في تفصيل ما يكون رجوعاً عن الوصايا باب في كتابها.
وإن قلنا: التدبير تعليق، فلا يمتنع فيه تصرف أيضاً، والمدبر كالعبد المعلق عتقه بالصفة، ولكن لو أراد الرجوعَ عن التدبير من غير تصرف في عين المدبر، لم يصح ذلك منه، كما لو أراد معلِّق العتق بالصفة أن يرجع عن التعليق، ويرد الأمر إلى ما كان قبل التعليق، فلا يجد إلى ذلك سبيلاً، فهذا ما رأينا تقعيده وتمهيده في أصل الكتاب.
١٢٤٥٥ - ثم قسم الأئمة التدبير إلى المطلق والمقيد.
فالتدبير المطلق هو ما يقتضي حصولَ العتق بموت المدبِّر مطلقاً، من غير