وذكر الشيخ أبو علي أمراً بدعاً لا يليق به، فقال: إذا جعلنا التدبير وصية، فلو وَهَبَ المدبَّرَ ولم يسلِّم، كان راجعاً عن التدبير، وهذا منقاس، قال: وإن قلنا: التدبير تعليق، فهل تكون الهبة من غير إقباض إبطالاً للتدبير؟ فعلى وجهين.
ولست أعرف لهذا الاختلاف وجهاً، ولا طريق إلا القطع بأن الهبة بمجردها لا تُبطل التدبير. نعم، إذا اتصلت الهبة بالإقباض -فإن قلنا: الملك يحصل عند التسليم- فعنده ينقطع التدبير، وإن قلنا: نتبين استناد الملك إلى حالة الهبة، فهل نتبين استناد انقطاع التدبير؛ هذا فيه تردد.
وكذلك لو فرض بيع على شرط الخيار، وجعلناه مزيلاً للملك، فهل يبطل التدبير به قبل لزوم البيع؟ فيه تردد.
وأثر ذلك في أنا إن قلنا: إذا زال الملك على وجه اللزوم، وعاد، فالتدبير منقطع، فلو زال على الجواز، ثم عاد، فهل نحكم بانقطاع التدبير؟ فيه تردد بيّن.
يجوز أن يقال: ينقطع لزوال الملك، ويجوز أن يقال: لا ينقطع كالطلاق الرجعي إذا تداركته الرجعة، فإن الأيمان لا تنقطع، والعلم عند الله. وقد نجز هذا الغرض.
١٢٤٧٠ - ونحن نأخذ بعده في تفصيل المذهب في ولد المدبرة. فنقول: إذا أتت المدبرة بولد بعد التدبير عن نكاحٍ أو سفاحٍ، وتبين حصول العلوق به بعد التدبير، فهل يثبت لولدها حكم التدبير؟ فعلى قولين منصوصين: أحدهما - لا يثبت، وهو القياس؛ فإن التدبير عرضةُ الرجوع في قولٍ، وهو بصدد الإبطال بالبيع في قولٍ، وما لا يلزم أو يتطرق إليه إمكان الرفع، فقياس المذهب فيه ألا يتعدى من الأم إلى الولد، اعتباراً بالرهن؛ فإنه لا يتعدى إلى الولد، وليس كولد المستولدة؛ فإن الاستيلاد لازمٌ، لا دفع له.
والقول الثاني - أنه يثبت التدبير للولد، تشبيهاً بالاستيلاد؛ فإن كل واحد منهما يتضمن العَتاقة عند الموت.
وبنى أصحابنا القولين على أن التدبير وصيةٌ أو تعليق، فإن قلنا: إنه وصية، لم يتعد إلى الولد، وإن قلنا: إنه تعليق، تعدى.