للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٤٨٥ - ثم إنا نستعين بالله فنقول: وضع الكتابة على الاتباع، فلذلك وجب فيها التنجيمُ، والإيتاء، كما سيأتي إن شاء الله.

ثم انتظمت الكتابة معاوضة حقيقية بعد ما احتُمل [معاوضة] (١) الملك بالملك، ولم تصح على عين، لأنها ملك يُحصَّل للسيد، والكتابة للتحريض على تحصيل الكسب، واقتضى ذلك تسليطَه على الكسب على الاستقلال، على شرط ضرب الحجر عليه في التبرع، فقد يكتسب ويَضَعُ (٢)، وابتنى على هذا معاملته للسيد؛ فإن عليه أداء النجوم، وله طلب النجم منه، فكان كل عوض في معاملة بهذه المثابة، ثم لو أعتقه السيد برىء؛ لأنا احتملنا عوضَ الكتابة لتحصيل العتق، فإذا حصل العتق، ارتدت النجوم، ولو أبرأ عن النجوم، حصل العتق على قياس المعاوضة؛ فإن استيفاء العوض والإبراء عنه بمثابة، وتعليق العتق بتأدية النجوم ضِمْنٌ (٣)؛ فإذا قال: إن أديت، فأنت حر، لم يكن هذا تعليقاً محضاً، بل هو تعبير عن مقصود الكتابة ومآلها، وإلا فالكتابة في صحتها على حكم المعاوضة.

وإن فسدت الكتابةُ، فالعتق لا يفسد تعليقُه، وهو المقصود في تصحيح (٤) الكتابة؛ ولولاه، لفسدت الكتابة، نظراً إلى مقاصد العقود، فانتظار هذا المقصود يُثبت للكتابة الفاسدة -في بعض قضاياها- حكمَ الصحة؛ حتى يستقل العبد، والكتابة جائزة؛ لأنه لم تتوفر عليها شرائط الصحة، فإذا حصل العتق، غلب عند حصوله مضاهاة الخلع؛ فإنه إذ ذاك عتق بعوض فاسد، فيثبت الرجوع إلى قيمة العبد، وهذا يناظر الرجوع إلى مهر المثل في الخلع الفاسد.

ثم الكتابة جائزة -وإن صحت- من جانب العبد؛ فإن السيد لا يخسر بتعجيزه (٥)


(١) في الأصل: " معاملة "، والمثبث تصرف من المحقق.
(٢) ويضع: أىِ يضع المستحقَّ له عمن يعاملهم، ويُبرئهم عما يجب عليهم، تبرعاً منه.
(٣) ضمنٌ: أي في مطاوي كلام العقد ودلالاته، فهو في حقيقته عقد معاوضة، وإن علق العتق على أداء النجوم.
(٤) كذا. ولعلها في صحيح الكتابة.
(٥) أي تعجيز العبد نفسه عن النجوم، وعوده إلى كمال الرق.