للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولين تعرية الكتابة عن التأجيل [والتنجيم] (١).

وقال أبو حنيفة (٢): الأجل يشترط في السلم لابتنائه على جرّ مرفقٍ موفور، وزعم أن الحلول ينافيه، ثم جوز الكتابة الحالّة ومبناها على المواساة لا غير.

وتعلق بعض أصحابنا بتحقق عجز المكاتب عن تأدية العوض لو كان حالاًّ (٣).

ولست أعتمد ذلك في الخلاف، ولكني أذكره لربط مسائلَ مذهبية بطرده وعكسه.

قال أئمتنا: العبد إذا قبل الكتابة، فلا يتصور له مع حصول القبول ملكٌ عتيد (٤) يِتهيأ تأدية العوض فيه، ففرض أصحاب أبي حنيفة مسائلَ نذكرها ونذكر المذهب فيها.

فإن قيل: لو أوصى إنسان له بمال قبل الكتابة، فمات الموصي قبل جريان الكتابة أو فرض إنشاء هبة؟

قلنا: كل ذلك بعد قبول الكتابة (٥)، ولو قبل الوصية والهبة قبل قبول الكتابة، لم يصح قبوله على مذهبٍ، ويصح على وجه، ويقع الملك للمولى، وإن فرض القبول بعد قبول الكتابة، فيكون العوض لازماً قبل تمام قبول الوصية، ولا مال ولا تمكن في تلك الحالة.

فإن قيل: لو كاتبه على مقدار من الملح وهما على [مَمْلحة] (٦)، فيقبل الكتابة ويسلِّم الملح.

قلنا: لا يملك الملح ما لم يأخذه، فالأخذ بمثابة قبول الوصية فيما قدمنا.


(١) في الأصل: " والتنجيز " والمثبت من تصرف المحقق رعاية للسياق.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٤١١ مسألة ٢٠٩٧، رؤوس المسائل: ٥٤٥ مسألة ٢٠٤، مختصر الطحاوي: ٣٨٤، المبسوط: ٨/ ٣، حاشية ابن عابدين: ٥/ ٦٠.
(٣) أي جعل علة اشتراط التأجيل في الكتابة عجز المكاتب عن الأداء العاجل، فإنه لا ملك له عند الكتابة.
(٤) عتيد أي حاضر مهيأ.
(٥) المعنى أن كل ذلك لا يمكن أن يقع للعبد ملكه قبل قبول الكتابة، كما سيظهر من التفصيل بعده مباشرة.
(٦) في الأصل: " مصلحة ".