للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتابة في الذي عَتَق، وإذا كان كذلك، فيجب نسبة الولاء إلى الميت، وقد أوضحنا في قاعدة الولاء أنه لا يورث بل يورث به، وإذا كان كذلك، فالوارث بالولاء من ينتسب بالعصوبة إلى من له الولاء، والابنان جميعاً متساويان في جهة العصوبة من المولى.

ولكن وإن كان كذلك، فللأصحاب خلاف. فمنهم من يجري على القياس الذي نبهنا عليه؛ وقال: الابنان: من رق نصيبه ومن أبرأ مشتركان في الإرث بالولاء، وهذا إنما يُخرَّجُ على قولنا: مَن بعضه حر وبعضه رقيق موروث، وفيه الاختلاف والتفصيل الطويل المذكور في الفرائض.

فتحصّل مما ذكرناه أن الحكم بانفساخ الكتابة في الذي عتق محال، ويجب صرف الولاء فيه إلى الميت، ثم الأصح بعده أنهما يشتركان في الاستفادة بذلك الولاء [إن حصلت] (١) استفادة.

ومن أصحابنا من قال: يختص بتلك الاستفادة المبرىء؛ فإنا وإن كنا لا نورّث الولاء، فيبعد أن يكون أحد الابنين مستوفياً حقه من الرقبة رقاً، ومشاركاً للثاني في فائدة الولاء، وهذا الوجه وإن كان مشهوراً، فمبناه على استبعاد محض لا حاصل له.

١٢٥١٨ - ومما يتعلق بهذا المنتهى أن أحدهما إذا أبرأ -كما صورناه- ولم يتبين في النصيب الثاني بعدُ انقلابٌ إلى الرق، أو جريانٌ إلى العتق، فمن رأى في المسألة الأولى -وهي إذا رق نصيب أحدهما- أن يشتركا في فائدة الولاء، فلا شك أنه يحكم بهذا في هذه الصورة، ومن خصص المبرىء في الصورة الأولى بفائدة الولاء، فهاهنا ماذا يصنع؟ هذا فيه تردد عظيم.

وقد ذكر القاضي وجهين هاهنا، وليس ذلك على تثبت، والوقف بهذا المقام ألْيَقُ: فإن عَتَق النصيبُ الثاني على حكم الكتابة، فالولاء مشترك، يعني الاستواء في فائدته، وإن رَقّ النصيب الثاني، فقد مضى الحكم فيه، وتبين اختلافُ الأصحاب


(١) في الأصل: " أن نصوّب " كذا رسماً ونقطاً، وتشديداً.