للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومتى يحصل العتق؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يحصل عند الرضا. والثاني - أنا نتبين حصوله مستنداً إلى القبض، وهذا يناظر ما قدمناه من الرضا بالعيب عند بقاء العين، وإن لم يرض وطلب الأرش، تبين أن العتق لم يحصل، وقد يخرج الوجه الضعيف الذي حكيناه في أن العتق يحصل، ثم يرتد.

فإذا تمهد هذا، فالكلام بعده في الأرش، وقد اختلف أصحابنا فيه: منهم من قال: الأرش نقصان العين المقبوضة، حتى إن كان النقصان عُشراً، رجع بمثل عُشر ما قبض. ومن أصحابنا من قال: الأرش هو الرجوع بمثل نسبة ذلك النقص من الجانب الثاني. فإن كان عُشراً رجع بعُشر قيمة العبد، وهذا قياس الأروش في المعاوضات، كما مهدناه في كتاب البيع على الاستقصاء.

هذا ما ذكره الأصحاب.

فنوجّه الوجهين الأخيرين، ثم نذكر إشكالاً وجواباً عنه:

أما من أثبت الرجوع بجزء من قيمة العبد، فوجهه الجريان على قياس الأرش في البيع وغيره من المعاوضات. ومن لم يسلك هذا المسلك قال: المقبوض عن ملتزم ليس ينتصب ركناً، ولذلك لا يرتد العقد برده، فلا يسترد في مقابلة نقصه [جزءاً] (١) من العوض، كما لا يسترد المعوَّضَ إذا كان [باقياً] (٢) عند ردّ العوض المعين.

وأما الإشكال، فلو قيل: إيجابُ جزء زائد في المقدار في مقابلة الصفة المعدومة تغييرٌ لتقدير العوض، وإن رجعنا في جزء من قيمة رقبة المكاتب، فهذا لا يليق بالكتابة الصحيحة؛ فإن الرجوع بقيمة الرقبة إنما يثبت عند فساد الكتابة، وتمام ذلك أنه لو قيل: يغرم هذا الذي قبض النجم مثلَ ما قبضه (٣)، ويطالب بالمسمى الموصوف، لكان أمثل مما قدمنا ذكره، سيّما إذا قلنا: القبض لا يملِّك ما لم يثبت الرضا، ثم قلنا: إذا ثبت الرضا، حصل الملك عنده. ولم يتعرض أحد من


(١) في الأصل: " مجزوءاً "، والمثبت من (ت ٥).
(٢) في الأصل: " نافياً ".
(٣) أي يرد السيد ما قبضه من بدل النجم، ويطالب بالنجم السليم. كما عبر بذلك العز بن عبد السلام.