للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الكسب، والمكاتب بينهما كعبد مشترك بين شريكين، ولو سلم المكاتب إلى أحدهما تمام حصته من غير إذن صاحبه، لم يعتق منه شيء؛ لأن أداءه لا يصح، ونزيد، فنقول: لو سلّم إلى أحدهما تمام النجوم، فالمذهب أنه لا يعتق منه شيء، ولو سلّم الكل إلى أحدهما وقال له: وكلتك بتسليم حصة شريكك مما قبضت، فلا يَعْتِق منه شيء، والسبب فيه أن الشريك لم يملك ما لم يسلم إليه، ويستحيل أن يملك القابض شيئاً ما لم يملك شريكُه مثلَه.

هذا هو المذهب المعتمد.

وحكى العراقيون وجهاً بعيداً أنه إذا سلّم إليه التمامَ عَتَق منه نصيب القابض، ووجّهوا هذا بأن قالوا: لا يجب عليه أن يرفع يده إلا عن نصف ما قبض، فليقع الحكم باستقرار ملكه في حصته.

وهذا ليس بشيء؛ فإن الأصحاب مجمعون على أنه لا يحصل للقابض ملك في شيء مما قبض، حتى يحصل لصاحبه الملك، ولا ينفع مع هذا تلبيسٌ [برفع] (١) اليد -إذا كان الملك يحصل عند رفع اليد- فليقع النظر إلى حالة حصول الملك.

ولو وكل أحد الشريكين صاحبه بأن يقبض حصته من النجوم، ثم جاء المكاتب بالنجوم وسلمها إلى الشريك الوكيل، فيحصل العتق، ويجري ملك الشريكين في المقبوض.

ولو أذن أحد الشريكين للمكاتب في تقديم شريكه، فجرى على إذنه، ووفّر على الشريك حصته، ففي صحة الأداء قولان. واختلف أصحابنا في أصلهما: فمنهم من قال: هما مبنيان على القولين في مكاتبة أحد الشريكين بإذن صاحبه، فالإذن في التبعيض آخراً كالإذن في التبعيض أولاً. ومن أصحابنا من قال: أصل القولين تبرع المكاتب إذا جرى بإذن السيد، وهذا البناء أوضح وأفقه. فإذا لم يصح التبرع بالإذن، فلا يحصل الملك، وإذا لم يحصل الملك، لم يترتب العتق.

وكل ما ذكرناه في الكتابة الصحيحة.


(١) في الأصل: " لرفع ". والمثبت من (ت ٥).