للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفروضة فيه إذا عجّل المكاتب، فتفضّل السيد من تلقاء نفسه وأبرأ عن مقدارٍ، فأما إذا جرى الشرط على حقيقته، فليس إلا الفساد، فإن جرى الإبراء معلَّقاً بشرط التعجيل، فسد، والدَّينُ بكماله باقٍ، وإن عجل المكاتَب الأداءَ، وشرطَ الإبراء، فأداؤه باطل.

ولست أستجيز أن أنقلَ جملةَ ما اختلف الأصحاب فيه في هذا الفصل؛ فإني لست أرى فيه مزيد فقه، ولا كلاماً مُخيلاً تَمَسُّ الحاجةُ إلى نقله ليعتمد، هذا مضمون الباب.

١٢٥٨٥ - ثم نقل الأصحاب عن الشافعي شيئاً، إذا أفسدنا الأداء المشروط وهو مذكور في (السواد) قال: " إن أراد أن يَسْلَم له مقدارٌ من النجم، فليقل للمكاتَب: عجِّز نفسك وأنا أُعتقك على المقدار الذي أبغيه منك " (١).

وهذا الذي ذكره الشافعي مشكل، فإنه إذا عجّز نفسه، انقلب إلى السيد جميع ما في يده، فمن أي موضع يؤدي المشروط أولاً؛ ثم السيد بعد جريان التعجيز يستبد بجميع ما في يده، وتنقلب رقبته إليه رقيقاًً، ولا يلزمه الوفاء بإعتاقه على مال، فذلك العوض يقع في ذمته، وقد فاز السيد بجميع ما كان منسوباً إلى مِلْكه قبل التعجيز، فكيف ينتصبُ هذا ذريعة إلى تحصيل التعجيل، مع تحقيق غرض المكاتَب في التخفيف عنه في مقدارٍ من النجم، وهذا استئصالُ جميعِ ما في يده مع إلزامه مزيداً في ذمته.

ووراء ما ذكرناه نوعان من الإشكال آخران: أحدهما - أن غرض المكاتَب استتباعُ أكسابه وأولاده، وإذا عجّز نفسَه، وانقطعت المكاتبة، لم يتبعه الكسب والولد بعد انقطاعها. هذا وجه. والوجه الثاني - نورده جواباً عن سؤال، قال صاحب التقريب: إن أراد المكاتب أن يثق بموعد السيد، لم يُسعفه بما قال، حتى يقول المولى: إذا عجَّزت نفسك، ثم أعطيتني ألفاً، فأنت حر، فتحصل الثقة بعد حصول التعليق.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٨٠. والذي نقله الإمام هنا ليس لفظ المختصر، بل بمعناه.