للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعي رضي الله عنه بأقربهما، ويسقط أضعفهما، ولا يقع التوريث بهما جميعاً.

وذهب ابن سريج إلى التوريث بالقرابتين في بعض الصور، على ما سنصفه في أثناء الكلام.

فلو وطىء المجوسي ابنته، فولدت بنتاً، فهذه البنت الصغرى بنت الكبرى وأختها من أبيها، فإنها ولد أبيها. فلو ماتت الكبرى، ولم تخلّف سوى بنتها التي هي أختها من أبيها، فقد اجتمع فيها البنوة والأخوة، فمذهب الشافعي أنها ترث بالبنوة، ولا ترث بالأخوة أصلاً. فلها نصف الميراث بالبنوة.

وقال ابن سريج -في هذه الصورة- إنها ترث بالقرابتين، فلها النصف بكونها بنتاً، والباقي لها بكونها أختا (١).

وحقيقة أصله: أنه إذا اجتمع قرابتان، كل واحدة منهما لو انفردت، لاقتضت فرضاً مقدراً، فإذا اجتمعتا، لم يقع التوريث إلا بإحداهما، وهي أقواهما، ولا سبيل إلى الجمع بين فرضين. وإن كانت إحدى القرابتين بحيث تقتضي فرضاً والأخرى تعصيباً، فيثبت التوريث بالفرض والتعصيب جميعاً، فعلى هذا لو ماتت الصغرى في الصورة التي قدمناها، ولم تخلف إلا أمها وهي أختها من الأب أيضاً، فلا نورثها إلا بكونها أماً؛ فإن الأمومة أقوى، ولا ترث بالأخوة؛ لأنها لو ورثت بها، لاجتمع لها فرضان.

١٢٦٣٤ - فإذا تمهد ما ذكرناه، فنذكر صوراً لابن الحداد في ذلك:

فإذا وطىء المجوسي بنته، فولدت بنتاً، ثم هو بعينه وطىء البنت الصغرى، فولدت ابناً، فماتت البنت الصغرى أم الغلام، ثم مات الابن، فنقول: لما ماتت البنت، فقد خلفت أبوين وابناً، فللأبوين السدسان، والباقي للابن. فلما مات الابن، فقد خلف أباً وجدة: هي أم الأم، وهي أيضاً بعينها أخت الابن المتوفى،


(١) استحقت بالأخوة -على مذهب ابن سريج- باعتبار الأخت عصبة مع البنت، وهذا أصل ابن سريج الذي سيأتي بيانه الآن، وأنه يجوز الجمع بين الفرض والتعصيب، ولا يجوّز الجمع بين فرضين.