للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قطعت امرأة يدي رجل، فمات المظلوم، فقطع الولي يديها، ثم أراد المطالبة بمال، قال: في المسألة وجهان: أحدهما - لا يجب شيء من المال؛ فإن يديها في مقابلة نفسها، ولو ماتت، لكان نفسها بنفسه، فكذلك يداها تقعان في مقابلة دية الرجل، فلا مطالبة بالمال بعد قطع يديها.

والوجه الثاني - أنه يجب عليها نصفُ دية الرجل؛ فإن الولي استوفى ما يقابل نصف دية الرجل، فتبقى الطلبة في نصف الدية.

رجعنا بعد ذلك إلى مسألة ابن الحداد، قال: لو قطع رجل يدي رجل، فاندملت الجراحة ظاهراً، فقطع المجني عليه إحدى يدي الظالم قصاصاً، وأخذ أرشَ الأخرى، ثم انتقضت جراحة المظلوم، وسرت إلى نفسه، والظالم باقٍ، فليس لورثة المظلوم طلبةٌ على الجاني في قصاص ولا دية، أما سقوط القصاص في النفس، فسببه أن في إتلاف النفس إتلاف الطرف، وقد عفا عنه؛ إذ أخذ الأرش، ولا دية أيضاً؛ فإنه قد استوفى ما يقابل ديةً كاملة. وهو القصاص في يدٍ والأرش في الأخرى.

١٢٦٤٠ - ثم ذكر ابن الحداد صورة أخرى، فقال: لو قطع يدي رجل ظلماً، فاندملت جراحةُ المظلوم حقيقةً، ثم إنه قطع إحدى يدي الظالم قصاصاًً، وأخذ أرش اليد الأخرى، ثم سرت يد الظالم إلى نفسه ومات، قال: لا يسترد ورثة الظالم من المظلوم أرش اليد الذي أخذه أصلاً.

قال الشيخ: هذا يخرّج على قولين مبنيين على أن الطرف إذا فات بسراية القصاص، فالسراية في الأطراف هل يقع بها القصاص؟ فعلى قولين سبق ذكرهما في الأصول: أحدهما - أن السراية في الأطراف لا يقع بها القصاص، كما لا يجب بها [الدية] (١) والثاني - يقع بها القصاص.

فإن قلنا: لا يقع بها القصاص، فالجواب ما قاله ابن الحداد؛ فإن المظلوم اقتص عن يد واحدة، ثم سرى القصاص إلى النفس، وفي موت النفس ضياع الطرف، ولا مبالاة به. وإن قلنا: السراية في الطرف يقع بها القصاص، فنقول: قد استوفى


(١) في الأصل: " القصاص ".