للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يتحقق مؤاخذة الحربي بها، فتعين قهره للرق.

ثم قال الأصحاب: إذا قهر حربي حربياً، لم يُشترط قصدُ الإرقاق، بل يكفي صورة القهر. وهذا فيه نظر عندي؛ فإن القهر قد يجري استخداماً، فلا يتميز قهر الرق إلا بقصد الارقاق.

رجعنا إلى مقصود المسألة، فنقول: إذا باع الحربي زوجته من مسلم، فإن لم يقهرها، لم يصح البيع؛ فإن التملك (١) إنما يجري بالقهر، وإلا فبيع الحرة باطل، والتراضي لا يصححه.

وكذلك لو قهر ابنه، وباعه من مسلم، فهل يصح ذلك، أم لا؛ إن لم يكن قهرٌ، فلا. وإن قهره، فهل نقول: إنه يعتق عليه، فلا يستقر له عليه ملك؛ فعلى وجهين: أحدهما -وبه أجاب الشيخ أبو زيد- أنه يصح (٢) منه بيعُ ولده إن قهره، ولا يعتِق عليه؛ لأن القهر سبب الملك، وإذا دام القهر، فقد دام السبب، فإن تخيلنا عتقاً على الأب، فالقهر يزيل العتق، بل دوامه يمنع حصولَه.

والوجه الثاني - أنه لا يجوز له بيع ولده، ولا يبقى له عليه ملك، وهذا اختيار ابن الحداد.

والمسألة من المسائل التي أرسلها الحَليمي إلى الشيغ أبي زيد يستفتيه فيها.

وإن فرعنا على ما اختاره ابن الحداد، فيتجه أن نقول: لا يملك الأب ابنه بالقهر، لاقتران السبب المقتضي للعتق بالقهر. فلو قال قائل: فامنعوا شراء الأب ابنه، لما ذكرتموه! قلنا: إنما جاز ذلك ذريعةً إلى تخليصه من الرق، وهذا لا ينافي ما ذكرناه من امتناع جريان الرق بالقهر.

وكل ما ذكرناه في الأب إذا قهر ابنَه، يجري في الابن إذا قهر أباه.

مسألة أخرى من السير

١٢٦٤٨ - إذا وقع طائفة من رجال الكفار في الأسر، فقد ذكرنا أن صاحب الأمر


(١) ت ٥: " الملك ".
(٢) ت ٥: " لم يصح ".