للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأمهات الأولاد أن يقوّمن في أموال أبنائهن بقيمة عدل، ثم يعتقن، فمكث بذلك صدراً (١) من خلافته، ثم توفي رجل من قريش كان له ابن أم ولد، قد كان عمر يعجب بذلك الغلام، فمر ذلك الغلام على عمر في المسجد بعد وفاة أبيه بليال، فقال له عمر: ما فعلت يا بن أخي بأمك؟ قال: قد فعلت يا أمير المؤمنين خيراً حين خيّرني إخوتي بين أن يسترقّوا أمي أو يخرجوني من ميراثي من أبي، فكان ميراثي من أبي أهون عليّ من أن تُسترقّ أمي. قال عمر: أو لستُ إنما أمرت في ذلك بقيمة عدل؟ [ما أتراءى رأياً، أو آمر بشيء إلا قلتم فيه!! ثم قام فجلس على المنبر، فاجتمع إليه الناس، حتى إذا رضي جماعتَهم، قال: يأيها الناس، إني كنت أمرتُ في أمهات الأولاد بأمرٍ قد علمتموه، ثم قد حدث لي رأي غير ذلك] (٢) فأيما امرىءٍ كانت عنده أم ولد فملكها بيمينه ما عاش، فإذا مات، فهي حرة لا سبيل عليها " (٣).

وروى الحسن الزعفراني تلميذُ الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، وقدس روحه، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن عامر، عن عبيدة السلماني، قال: قال علي رضي الله عنه: " استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد، فرأيت أنا وهو أنها عتيقة، فقضى بها عمرُ حياتَه، وعثمانُ بعده، فلما وَليتُ أنا رأيت أن أرقهن ".

قال: فأخبرني محمد بن سيرين أنه سأل عبيدة عن ذلك، فقال: أيهما أحب إليك؟ قال: " رأي عمر وعلي أحب إليّ من رأي علي حين أدرك الاختلاف " (٤).


(١) رقم المخطوط هنا لنسخة (ت ٥) حيث انقطعت نسخة الأصل.
(٢) ما بين المعقفين زيادة من السنن الكبرى.
(٣) حديث عمر في منع بيع أمهات الأولاد، رواه البيهقي بهذه السياقة بعينها، بهذه الألفاظ ذاتها، لم يخرم منها حرفاً واحداً. (ر. السنن الكبرى: ١٠/ ٣٤٣).
(٤) حديث علي ورجوعه عن منع بيع أمهات الأولاد، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، على نحو ما ساقه الإمام حرفاً بحرف، ورواه عبد الرزاق في مصنفه على نحو آخر: حيث جاء فيه: " قال عبيدة: فقلت له (أي لعلي رضي الله عنه): " فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة -أو قال في الفتنة- قال: فضحك علي " (ر. السنن الكبرى: ١٠/ ٣٤٣، ومصنف عبد الرزاق: ٧/ ٢٩١).
ورواه البيهقي على نحو ما ساقه عبد الرزاق أيضاً. (الكبرى: ١٠/ ٣٤٨). وقد أشرنا =