الفهارس -كما أثبتنا- عملٌ علمي، فمثلها مثل كل عمل جيدُه جيد، ورديئه رديء، فليست صناعة الفهرس مجرد جمعٍ آلي، ورص كلمات، ولكنه عمل وراءه فكرٌ، وخُطة، وله هدف محدّد وغاية، و"الإتقان فيه صعب وعَسِر" على حد ما قاله الشيخ أبو غدة فيما نقلناه عنه آنفاً.
وأعتقد أن الذي يعصم من الخلل في هذا الميدان أن يسأل صانع الفهرس نفسَه: لماذا هذا الفهرس؟ فإذا عرف الغاية التي يتغياها، استطاع أن يسلك الطريق التي توصله إلى تلك الغاية.
ولذلك تعجب إذا وجدت محققاً فاضلاً صنع فهرساً للأعلام في مائة وخمسين صفحة كاملة، رتبه على حروف المعجم، وقال عن منهجه في هذا الفهرس: إنه ضم إلى الأعلام الذين ورد ذكرهم في الكتاب "بعضَ التراجم طالما تذكر في كتب فقه الشافعية، ولو من المتأخرين من غير إشارة إلى ذلك".
وقال أيضاً:"وضعت ترجمة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أول التراجم طلباً لليمن والبركة، واتباعاً لسلفنا الصالح".
وقال أيضاً:"فاتني بعض التراجم التي لم أقف على ذكرها" ولم يحددها لنا، ولم يذكر لنا كيف بحث عنها، وأين، لنتابع البحث إذا استطعنا.
إذاً هو قد جمع بين الأعلام الذين في كتابه، وزاد عليهم غيرَهم من المتقدمين على المؤلف والمتأخرين عنه.
ثم انظر كيف صنع هذا الفهرس!! لقد شغل الصفحات المائة والخمسين بترجمة هؤلاء الأعلام مرتبين على حروف المعجم. وانتهى الأمر.