والسجود، ونصرف شيئاًً إلى الركوع والزيادةَ عليه إلى السجود، فإنا لو فعلنا هذا، كنا مسقطين عنه أقلَّ الركوع مع قدرته عليه، ولكن يأتي بالركوع عما عليه من وظيفة الركوع، ثم ينحني مرةً أخرى عن السجود، ولا يضر استواؤهما، كما يستوي فرضُ القيام في حق القاعد، وفرضُ القعود للتشهد الأخير، ولا يجوز غيرُ هذا، ولو كان يقدر على انثناءٍ يزيد على مقدار الأقل، وكان يزيد على مقدار الكمال أيضاً، فالوجه أن يأتي بما هو على حد الركوع، ثم يأتي بالزيادة على حد الكمال عن السجود؛ فإن الفرق على حسب الإمكان بين الركوع والسجود واجب، وذلك ممكن في الصورة التي ذكرناها، ولا يجب الفرق بين القعود الواقع بدلاً عن القيام، وبين قعود التشهد، وهذا ظاهر، وليس عرياً عن الاحتمال، فَلْيتأمله الناظر.
ولو كان يقدر على أقل حد الركوع، وعلى ما ينتهي إلى حد الكمال، فليس يظهر عندي تكليفه الاقتصار على حد الأقل، ليكون الزائد عليه عن السجود، وليترتب عليه تحصيلُ الفرق بين السجود والركوع - ظهورَه (١) في الصورة التي قبل ذلك؛ فإن تلك مفروضة في زيادةٍ مجاوزةٍ حدَّ الراكعين، وهاهنا الكلُّ واقع في حد الركوع، ومنعُه من الركوع التام حالةَ الركوع بعيد.
٩٣٩ - ولو كان يصلي مضطجعاً، أو على قفاه، كما ذكرناه، وكان لا يقدر على الركوع والسجود أصلاً، فقد قال الأئمة: يلزمه أن يومىء بطرفه إلى الركوع والسجود، والذي ذكروه معتضده الحديث الذي رويناه عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه نص على الأمر بالإيماء، فليعتقد الفقيه أن الإيماء بالطرف حتمٌ.
٩٤٠ - فإن لم يبق في أجفانه حراك، لزمه أن يُجريَ صورةَ الركوع والسجود على قلبه، وذلك أيضاً حتمٌ عند الأئمة، وذلك بأن يمثِّل نفسَه راكعاً وساجداً، ثم يجريهما على الذكر تامَّيْن؛ فإنه لا يعجز عن ذلك فكراً إن عجز فعلاً.
٩٤١ - ثم إن لم يكن لسانه معتقلاً، أتى بالقراءة وبالأركان، وإن اعتُقل لسانُه،
(١) "ظهورَه" متصل بقوله: "فليس يظهر"، فهو مفعولٌ مطلق.