للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعتمد المذهب حديث عبد الله بن مالك ابن بُحَيْنَة، قال: "صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي: الظهر أو العصر، فقام عن اثنتين، فسبحنا به، فلم يرجع، فلما بلغ آخر الصلاة، انتظرنا تسليمه، فسجد سجدتين، ثم سلم" (١) فدل عدمُ رجوعه على أنه ليس ركناً، وسجوده للسهو ناصٌّ على ما ذكرناه من كونه من الأبعاض.

٩٨١ - ثم ترتيب المذهب في تركه أنه إن قام المصلي، فاعتدل في وقت التشهد الأول، ثم تذكر ما كان منه، فليس له أن يعود لاستدراك التشهد الأول؛ فإنه قد تلبس بالقيام المفروض، فلا يجوز له أن يقطعه لاستدراك سُتةٍ، هذا إذا اعتدل.

والدليل على ذلك عدمُ رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رويناه.

٩٨١/م- ولو نهض نحو القيام، ولم يعتدل فتذكر، فقد اختلفت عبارات الأئمة، فذكروا عبارتين نذكرهما، ثم نذكر ما عندنا من التحقيق فيهما إن شاء الله تعالى.

قال الشيخ أبو بكر (٢): إذا لم ينته إلى حد القيام، رجع وتشهد؛ فإنه لم يلابس فرضاً حتى تذكَّر، ثم إذا رجع، وتشهد، فهل يسجد للسهو؟ قال: إن كان انتهى في انتهاضه إلى مبلغ كان أقرب إلى القيام منه إلى القعود، فإن الذي صدر منه فعل كثير أتى به ساهياً، وسنذكر أنه مما يقتضي السجود.

وإن كان إلى القعود أقرب، فتذكر ورجع، فلا يسجد، وما أتى به في حكم الفعل القليل، الذي لا يؤثر في الصلاة. فهذا كلامه.

وقال شيخي وغيره: إن لم ينته في ارتفاعه إلى حدّ الراكعين بعْدُ، فتذكر ورجع، فالذي صدر منه محطوط عنه، ولا سجود، وإن انتهى إلى حد الراكعين، أو جاوز، ولم يلابس القيام، فإذا تذكر ورجع، سجد للسهو.


(١) حديث ابن بحينة متفق عليه، وقد مضى آنفاً.
(٢) الشيخ أبو بكر: أي الصيدلاني، كما سيذكره قريباً.