للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوسط الذي جعلناه معتبرنا في هذا الفصل مسافة، فإن نهض منحنياً، وكان أقرب إلى حد الوسط، فهذا من هذه الجهة انتهاء إلى حد الراكعين، وهو أنقص من الكمال، ولكنه في حد الركوع [فإذا انتهى إلى حد الركوع] (١) من قعوده، ثم رجع، سجد، فإن انتهض، ولم يصر أقرب من حد الوسط، فليس منتهياً إلى حد الركوع، فيرجع ولا يسجد.

فهذا كشف الغطاء في ذلك كلِّه، وأين يقع هذا الفصل من غوامض الفقهِ؟ فلينظر الطالب في أسراره وليُكْبر الفقهَ في نفسه.

٩٨٩ - ثم أقول وراء ذلك: من راعى من أصحابنا الانتهاض إلى حد الراكعين، فلو فرض عليه الانتصاب من غير هيئة الانحناء إلى القرب من القيام، فإنه يثبت السجود هاهنا، ولا شك أنه لو فرض على من يراعي الانتهاء إلى قرب القيام أن ينتهي إلى حد الراكعين وصورتهم، ثم يرجع، فإنه يقول: إنه يسجد، فإنه أتى بصورة الركوع وانصرف، فكان هذا ركوعاً زائداً أتى به ساهياًً، فاقتضى سجوداً لا محالة.

فهذا نجاز الفصل بما فيه.

فصل

٩٩٠ - قد ذكرنا أن من ترك التشهد الأول ساهياً وانتصب قائماً، فليس له أن يقطع القيام بعدما لابسه؛ فإنه لو فعله، كان قاطعاً فرضاً لاستدراك مسنون، ولو عاد، نُظر: فإن كان معتقداً امتناع الرجوع والقطع، فخالف عقدَه ورجع، بطلت صلاته.

وإن كان يعتقد مذهب أحمد بن حنبل في فرضية (٢) التشهد الأول، فرجع، لم تبطل صلاته.


(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) إمام الحرمين يقصد بالفرضية هنا الوجوب، كما هو اصطلاح الشافعية (لا يفرقون بين الفرض والواجب) وسيأتي بعد قليل ما يؤكد هذا حيث وصف إمامنا التشهد الأول بالوجوب عند أحمد، والقول بوجوبه هو مذهب أحمد كما أشرنا في تعليق سابق. وقد سبق في كلام إمام الحرمين أنه ركن عند أحمد.