للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بامتناع ذلك الرجوع، بطلت صلاته؛ فإنه يكون راكعاً ركوعين في ركعة واحدة، وهو مبطل للصلاة.

٩٩٣ - ولو كان موقف الإمام بعيداً، فسمع المأموم صوتاً، وحسب أن الإمام قد انتصب، فارتفع، ثم تبين له أن الإمام بعدُ في الركوع، فهل له أن يرجع ويركع؟ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا يجوز الرجوع، كما لو تعمد رفع الرأس من الركوع؛ لأنه لو رجع، كان آتياً بركوعين، وذلك غير سائغ، كما تقدم ذكره في العامد، ومنهم من قال: يجوز الرجوع؛ فإن قيامه كان من غلط، فإذا رجع، كان كما لو لم يقم واستدام الركوع.

٩٩٤ - ثم إذا قلنا: يجوز الرجوع إلى التشهد، فلو قيل لنا: ما الأولى؟ لم يتجه إلا القطع بأن الأولى ألا يرجع، ويصابر القيام، فلو لم يستفد بذلك إلا الخروج عن الخلاف، لكان ذلك كافياً، فإنه لا يجب عليه الرجوع، وفي العلماء من يصير إلى أنه لا يسوغ الرجوع، فكان إيثار الخروج عن الخلاف أمثل.

٩٩٥ - ولو رفع رأسه عن الركوع غالطاً كما ذكرناه، ثم هم بالرجوع، فكما (١) هم به، ارتفع إمامه من حد الراكعين، فليس له أن يرجع، فإنه إنما كان يرجع لإيثار متابعة الإمام، والآن لا يصادف الإمامَ راكعاً، فلا محمل لعوده إلا تثنية الركوع صورة في ركعة واحدة، وذلك غير سائغ، وتعمده مبطل للصلاة، كما تقدم تقريره.

فإن قيل: هلا قلتم: إنه انتصب قائماً غالطاً، فلا يُعتد بانتصابه، فليعد -وإن لم يصادف إمامَه- قطعاً للغلط، ثم يفتتح انتصاباً بعد ذلك؟ قلنا: لا أصل لهذا الكلام؛ فإنه إذا كان يجوز أن يتعمّد فينتصب سابقاً للإمام، فالإصرار على إدامة هيئة القيام، وإن اقترن بالانتصاب غلطٌ (٢) هو (٣) الوجه، فإن تعديد الركوع من


(١) "فكما" بمعنى (عندما)، فتنبه لذلك؛ لأننا لا ننبه إليها دائماً، بل مرة بعد مرة.
(٢) غلطٌ: فاعل "اقترن".
(٣) "هو الوجه" خبرٌ لقوله: "فالإصرار على الانتصاب ... " هذا وعبارة (ت ٢): "وهذا هو
الوجه".