فلا شك أنه لا يعتد بالتشهد، وأنه يسجد ويتشهد مرة أخرى، ثم يسجد للسهو، فإنا نأمر من طوَّل جلسة الاستراحة، أو تشهد فيها بالسجود، وذلك الجلوس مشروع على الجملة، فأما الجلوس عن القيام، فغير مشروع، وإذا تشهد فيه قبل السجود الركن سجد للسهو.
١٠٢١ - وقال: لو سجد في الركعة الأخيرة سجدة واحدة، واعتدل جالساً، وظن أنه فرغ من السجدتين وتشهد، ثم تذكر، فيسجد السجدة الثانية، ويعيد التشهد، لا محالة؛ رعايةً للترتيب، ولا يسجد للسهو؛ فإن الجلسة بين السجدتين طويلة، وهي محل الذكر، فلم يطوّل ركناً قصيراً، ولم يأت بجلوس في غير موضعه، والتشهد الذي أتى به بمثابة ذكرٍ آخر من الأذكار يأتي به.
فقال أبو علي: يحتمل أن أقول: الجلسة بين السجدتين قصيرة، وهي للفصل كالاعتدال عن الركوع، وهذا قد مضى ذكره، ثم قال: إن سلّمنا أنها طويلة، فقد أتى فيها بالتشهد، وهو على الجملة ركن أتى به في غير أوانه، وقد ذكرنا خلافاً ظاهراً للأصحاب فيمن نقل ركناً إلى ركن طويل، كالذي يتشهد في قيامه، أو يقرأ في قعوده، وهل يسجد للسهو؟ والذي ذكره الشيخ أبو علي حسن بالغٌ جارٍ في قاعدة المذهب.
١٠٢٢ - وأنا الآن أذكر شيئاًً لا بدّ من التنبيه له، فأقول: الركوع لا يعهد في الصلاة إلا ركناً، فلا جرم نقول: من زاد ركوعاً قصداً، بطلت صلاته، وكذلك القيام لا يكون إلا ركناً، فلو زاد قياماً قصداً، بطلت صلاته، فأما الجلوس، ففي الصلاة جلوس مشروع، وهو الجلوس للتشهد، وجلسة الاستراحة بين السجدتين، فلو جلس المصلي لمَّا انتهى إلى السجود من القيام جلسةً خفيفة، وسجد منها، لم تبطل صلاته؛ فإنه ليس آتياً بما لا يعهد إلا ركناً، وهو في نفسه ليس في حد الفعل الكثير أيضاً. ولكن لو طال الجلوس أو ابتدأ التشهد، فقد أتى بما يغير نظمَ الصلاة تغييراً ظاهراً، فنأمره بسجود السهو.
فإن قيل: في الصلاة سجود ليس بركن وهو سجود التلاوة، وسجود السهو؟