للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن لم يتصل، ولم يلتحم، وجب تنحيته، وإن التحم واتصل، ولم يكن في إزالته وقلعه خوف، وجب إزالته، لمكان الصلاة.

وإن كان في إزالته خوف، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يُزال إبقاءً على المهجة.

والثاني - أنه يزال لحق الصلاة، ونحن نرى سفكَ الدم على مقابلة ترك صلاةٍ واحدة.

وهذا بعيد عن القياس؛ فإن المحافظة على الأرواح أهم من رعاية شرط الصلاة.

ومما يعترض على ذلك: أن من أخذ خيطاً لغيره، وخاط به جرحه، فلا نكلفه نزعه عند الخوف، قطع الأئمة جوابَهم به، وذلك لأنا نأخذ طعامَ الغير لشدة المخمصة، ونغرَم له القيمة، ونَقِي الأرواحَ بالأموال على شرط الضمان، واستصحاب النجاسة يقدح في الصلاة، ولا مساهلة في الأديان.

وهذا عندي تكلّف، والقياس القطعُ بأنه لا ينزع العظم إذا خيف؛ فإنا نحرِّم إمساس الجرح ماء لإزالة نجاسة عليه، وإن كان في إبقائها حملٌ على إقامة الصلاة مع النجاسة، (١ وكل نجاسة يعسر الاحتراز عنها، فإن الشرع يعفو عنها، كما مضى التفصيل فيه.

وإن قال قائل: المصلي مع النجاسة ١) يقضيها؛ فإنها مرجوّة الزوال، والعظم النجس الملتحم قائم أبداً. فلا أصل لهذا، [والمستحاضة لا تقضي الصلوات التي أقامتها في زمان الاستحاضة] (٢)، وقد يقال: ذلك دمٌ جارٍ من غير اختيار، وهذا أدخل العظمَ على عضوه، ولا ثبات لمثل هذا.

١٠٩٠ - ومما يعنُّ في المسألة من وجوه الإشكال، أن التداوي بالأعيان النجسة جائزٌ وفاقاً، وإنما التردد في التداوي بالخمر. وقد قال الأئمة: لو ألصق ضماداً نجساً على جرحه، نُزع لأجل الصلاة، والسبب فيه -مع الإشكال- أن تحريم أكل النجاسة


(١) ما بين القوسين ساقط من: (ت ٢).
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).