للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأوقات، فقد روي أن الجحيم لا تسعر يوم الجمعة (١)] (٢) فهذا مختص من بين سائر الأيام، وهذا ضعيف عندي.

١١٢٧ - فأما استثناء المكان، فقد روي أن أبا ذر أخذ بعضادتي الكعبة وقال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني، فأنا جُندب، [صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، إلاّ بمكة" (٣).

وقد اختلف أئمتنا في ذلك، فذهب الأكثرون، إلى استثناء مكة في جميع الصلوات والأوقات، لما روى أبو ذر، وذهب آخرون إلى أن المراد بالاستثناء ركعتا الطواف دون غيرهما من الصلوات.

وهذا فيه نظر؛ فإن صلاة الطواف تقع بعد الطواف، فيصير تقدم الطواف سبباً في اقتضائها، فهي صلاة لها سبب، ولا يظهر بها تخصيص، وأجمع الأئمة على أن إقامة الطواف المتطوع به في الأوقات المكروهة لا كراهية فيه، وقد روينا الخبر الصحيح فيه، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمور الناس شيئاًً، فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت في آية ساعة من ليل أو نهار" (٤) فهذا تمام القول في ذلك.


(١) حديث "أن الجحيم لا تسعر يوم الجمعة" رواه أبو داود، والبيهقي، وهو ضعيف كما قال إمام الحرمين (ر. أبو داود: الصلاة، باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال، ح ١٠٨٣، وضعيف أبي داود للألباني، ح ٢٣٦، ضعيف الجامع الصغير، ح ١٨٤٩، البيهقي: ٢/ ٤٦٤، التلخيص: ١/ ٣٣٩ ح ٢٧٥).
(٢) زيادة من: (ط)، (ت ١)، (ت ٢)، (د ١).
(٣) حديث أبي ذر، أخرجه البيهقي، بهذا السياق نفسه، وأخرجه أحمد، والشافعي، وابن خزيمة في صحيحه. وقد تقدّم في أول الباب. (ر. السنن الكبرى: ٢/ ٤٦١، والتلخيص: ١/ ١٨٩ ح ٢٧٥، والمسند: ٥/ ١٦٥).
(٤) حديث: "يا بني عبد مناف ... " رواه الشافعي، وأحمد، وأصحاب السنن، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، وغيرهم. (ر. التلخيص: ١/ ١٩٠ ح ٢٧٦) وقد تقدم آنفاً بأتم من هذا.