للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن ركعتي الفجر آكد وأفضل، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا بما فيها" (١)، وقال في صلاة الوتر: "إن الله تعالى زادكم صلاةً هي خير من حمر النَّعَم" (٢)، فالصلاة التي قدمت على الدنيا بما فيها آكد وأفضل. وقالت عائشة: "ما كان يتسرع رسول الله إلى شيء تسرعه إلى ركعتي الفجر، ولا إلى غنيمة ينتهزها" (٣).

وكان شيخي يؤثر أن يقدم صلاة الضحى -من حيث إنها مؤقتة بنفسها- على النوافل الراتبة. وليس الأمر على ما ذكره؛ فإن السلف ما كانوا يواظبون عليها، حسب مواظبتهم على النوافل الراتبة، فالذي أراه أنها مؤخرة عن جميع النوافل الراتبة التابعة للفرائض.

وقد قال الشافعي في الوتر: يشبه أن تكون صلاة التهجد، وهذا معناه عند المحققين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأموراً بالتهجد، وقيل: كان فرضاً عليه، فقال الشافعي: المعنيّ بالتهجد في قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: ٧٩] صلاةُ الوتر، وهي التي كانت محتومة عليه، لا يتركها في حضر ولا سفر، وقد ورد في بعض الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كتب علي ثلاثٌ، لم تكتب ْعليكم، وذكر من جملتها الوتر" (٤)، فإن قيل: قد سمى الله التهجد نافلة في حقه،


(١) حديث: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" أخرجه مسلم بهذا اللفظ من حديث عائشة.
(مسلم: ١/ ٥٠١، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (١٤) استحباب ركعتي الفجر، والحث عليهما، ح ٧٢٥).
(٢) حديث: "إن الله زادكم صلاة ... " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والدارقطني، والحاكم من حديث خارجة بن حذافة. وفي الباب عن معاذ بن جبل، وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وأبي بصرة الغفاري، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمر، ولم يسلم واحد منها من مقال. (ر. التلخيص: ٢/ ١٦ ح ٥٢٣، وانظر: أبو داود: الصلاة، باب استحباب الوتر، ح ١٤١٨، والترمذي: أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر، ح ٤٥٢، وابن ماجة: إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر، ح ١١٦٨، والدارقطني: ٢/ ٣٠، والإرواء: ٢/ ١٥٦).
(٣) حديث عائشة متفق عليه بلفظ: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ تعاهداً منه على ركعتي الفجر". (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٤١ ح ٤٢٢).
(٤) يشير إلى حديث ابن عباس "ثلاث هن علي فرائض، ولكم تطوّع: النحر، والوتر، وركعتا =