للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن جوّزنا، فتفريعه أن نقول: إذا اقتدى بإمام في صلاة الجنازة، فيبقى قائماً مادام إمامه في الصلاة، فإذا سلم، انفرد المقتدي بنفسه، فيركع ويجري على ترتيب صلاته، ولا يوافق الإمامَ في تكبيرات صلاة الجنازة، والأذكارِ المتخللة بينها، ولا يقدح ذلك في القدوة المعتبرة في ظاهر الأفعال؛ فإن المقتدي بالإمام في صلاة العيد لو لم يكبر التكبيرات الزائدة، وكان الإمام يأتي بها، فلا تنقطع القدوة بهذا السبب.

وإذا اقتدى في صلاة معهودة بمن يصلي صلاة الخسوف -والتفريع على الوجه الضعيف في تصحيح القدوة- فإذا ركع الإمام، ركع المقتدي، ثم الإمام يرفع رأسه، ويركع ركوعاً آخر، والمقتدي يستقر في الركوع الأول حتى يعود إليه الإمام، ثم يرتفع معه، إذا رفع رأسه من الركوع الثاني، ولا يرتفع عن الركوع الأول، ثم ينتظره واقفاً حتى يركع ركوعاً آخر، ويرتفع؛ لأنه لو فعل كان مطوّلاً ركناً قصيراً، وإذا انتظر راكعاً، فالركوع ركن طويل يقبل التطويل، ولم يصر أحد من أصحابنا إلى أنه يوافق إمامه فيركع ركوعين، وإن كان المأموم قد يأتي بأفعال لا تحسب له بسبب الاقتداء، كما سنذكر طرفاً منه الآن.

والسبب في ذلك (١) في صلاة الخسوف، أن نظم صلاة الخسوف يخالف نظم الصلاة التي تَلَبَّس المقتدي بها، وإن كان المقتدي يوافق إمامه إذا كان مسبوقاً في أفعالٍ لا تحسب؛ فتلك الأفعال موجودة في صلاة المقتدي على الجملة.

فهذا إذا كانت صلاة الإمام مخالفة في وصفها لصلاة المأموم.

١١٧٨ - فأما إذا لم تكن الصلاتان مختلفتين في الوضع، ولكن كانتا مختلفتين في عدد الركعات، نُظر: فإن كان عدد ركعات صلاة المقتدي أكثر، فالقدوة تصح بلا خلاف، كمن يقتدي في قضاء صلاة العشاء بمن يصلّي الصبح (٢) فهذا صحيح، فيصلي مع الإمام ركعتين، فإذا سلم الإمام، قام المقتدي إلى بقية صلاته، وإنما صح


(١) "في ذلك" أي في عدم المتابعة للإمام الذي يصلي صلاة الخسوف؛ لأن المتابعة ستقتضيه أفعالاً تخالف نظم صلاته.
(٢) انتهى الخرم الذي بدأ من نحو صفحتين في نسخة (ت ٢).