للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر أم ورقة حتى تصلي بالنسوة في دارها" (١). وروي أن عائشة وأمَّ سلمة أمَّتا بنسوة ووقفتا وسطهن (٢). وهذا هو المستحب للتي تكون إمامة؛ فإنها لو تنصلت عن الصف كدأب الرجل الإمام، كان ذلك مناقضاً للستر المأمور به.

١١٩٤ - فإن قيل: هلا خرجتم استحباب الجماعة على ما قدمتموه في باب الأذان من الاختلاف في أذانهن وإقامتهن؟ قلنا: في الأذان إظهارٌ وتركٌ للستر، وليس في إقامة الجماعة ذلك، ولو خفضت المرأة صوتها، كان ذلك تركاً لمقصود الأذان، فقد بان مفارقة الأذان والإقامة للإمامة، ولما كانت الإقامة لا يشترط فيها رفع الصوت، كان إثباتها في [حقهن] (٣) أولى في ترتيب المذهب من الأذان.

١١٩٥ - والنسوة لو شهدن المسجد، واقتدين بالرجال، فإن كنّ شوابّ، فلا يستحب ذلك لهن، والستر ولزوم البيت أولى بهن، ولو حضرن، صح اقتداؤهن، ثم لا يشترط في تصحيح الاقتداء [لهن] (٤) أن يقتدين وينوي الإمام إمامتهن. وشرط أبو حنيفة (٥) في صحة قدوتهن ذلك، وهذا غير صحيح؛ فإنه يجوز عندنا للرجل أن يقتدي بالمنفرد في صلاته، وإن لم ينو إمامة أحد.


(١) حديث أم ورقة رواه أبو داود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي (ر. التلخيص: ٢/ ٢٧ ح ٥٥٦، أبو داود: الصلاة، باب إمامة النساء، ح ٥٩١، ٥٩٢، والدارقطني: ١/ ٤٠٣، والحاكم: ١/ ٢٠٣، والبيهقي: ٣/ ١٣٠).
(٢) حديث إمامة عائشة رواه عبد الرزاق في مصنفه، والدارقطني، والبيهقي، ومن طريق آخر ابن أبي شيبة والحاكم.
وأما حديث إمامة أم سلمة، فقد رواه الشافعي، وابن أبي شيبة، وعبد الرزاق (ر. التلخيص: ٢/ ٤٢ ح ٥٩٧، ٥٩٨، عبد الرزاق: ح ٥٠٨٦، ابن أبي شيبة: ٢/ ٨٩، ترتيب مسند الشافعي ١/ ١٠٧ ح ٣١٥، والدارقطني: ١/ ٤٠٥، والحاكم: ١/ ٢٠٣، والبيهقي: ٣/ ١٣١).
(٣) في الأصل، و (ط)، و (ت ١): خفضهن. والمثبت من: (ت ٢) و (د ١).
(٤) مزيدة من: (د ١).
(٥) ر. حاشية ابن عابدين: ١/ ٣٨٧، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٦٦ مسألة: ٢١٧.