للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعض من لا يعتمد [نقله] (١) وجهاً أن الصفوف إذا لم تكن متصلة على الاعتياد، فالذي بعُد موقفه، يراعى قربه من الإمام، وهو غير مقتد (٢)؛ إذ ليس الصف على القرب المعتاد منه. فهذا بيان هذا الوجه، وتصويره وإن لم يكن معدوداً من المذهب.

١٢٣٤ - ولو كان بين المقتدي في الصحراء وبين الإمام نهر جار، فإن كان يُخيض الخائض فيه من غير احتياج إلى سباحة، فلا أثر له، وليس بحائل. وإن كان لا يخيض، فهو يمنع القدوة به. وذكر أئمتنا فيه خلافاً.

ثم قال المحققون: المذهب صحة القدوة، وإن عسر من المقتدي التوصّل إلى الإمام، إذا كانت المسافة على النحو الذي ذكرناه؛ فإنه لا حاجة في قضية الصلاة إلى وصول المأموم إلى الإمام.

ومن منع، تمسك بأن مثل هذا النهر يعدّ حائلاً، ولا يعد الإمام والمأموم مجتمعين في بقعة جامعة لهما، وظاهر نص الشافعي يشير إلى الجواز؛ فإنه قال: لو اقتدى رجل في سفينة بإمام في سفينة أخرى، صح، كما سنذكر ذلك، وإن كان بين السفينتين قطعة من البحر. وقد ينقدح في ذلك فصل في البعد؛ فإن وصولَ السفينة إلى السفينة ممكن؛ فالبحر في حق السفن كأرض ممتدة، في حق أقدام المشاة عليه، والله أعلم.

ولو كان على النهر الكبير جسر ممدود، فالتواصل حاصل وفاقاً.

ولو كان بين الواقف والإمام شارع، فظاهر المذهب أن ذلك غير ضائر، وذكر بعض الأصحاب أنه قاطع، وهذا مزيف لا أرى له وجهاً، إلا أن الصائر إليه -فيما


(١) زيادة من (ل) وحدها، والذي لا يعتمد نقله هو بعينه (بعض المصنفين)، أي الإمام أبو القاسم الفوراني، فإمام الحرمين كثير الحط عليه، من جهة تضعيفه في النقل، لا من جهة تفقهه، كذا قال السبكي في طبقاته في ترجمة الفوراني. وترى أن إمام الحرمين حفي بأقواله يناقشها، ويعنف في ردها أحياناً، ويعتمدها أحياناً، ولو كان لا يعتمد تفقهه، ما انشغل بفقهه.
(٢) أي لا يكون مقتدياً إلا إذا كان على حد القرب الذي قررناه.