للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في توسيع أمر المواقف؛ فإنه ربما يكون بين آخر صفٍ، وبين آخر المسجد ألفُ ذراع، فلا تعتبر تلك المسافة، ويعتبر ابتداءُ الثلاثمائة من آخر المسجد في صوب المقتدي.

ثم تمام البيان في ذلك، أن المقتدي لو كان وراء المسجد على محاذاة جدار المسجد، ولم يكن على (١) باب في جهة المقتدي، بل كان الجدار حاجزاً بينه وبين الصفوف، فمن أصحابنا من جعل الجدار قاطعا مانعاً من الاقتداء، إذا كان ذلك الجدار الحائل مانعاً من الاستطراق، وهذا الذي صححه العراقيون.

والثاني يصح، وهذا يخرج بناء على قولنا: إن إمامَ المقتدي الواقف خارجَ المسجد جِرمُ المسجد.

ثم قال العراقيون: إذا منعنا القدوة والجدار مانعٌ من الاستطراف والنظر، فلو كان الجدارُ مشبكاً، غيرَ مانع من النظر وإن منع الاستطراق، فعلى هذا الوجه وجهان: من جهة أن نفوذ النظر ضربٌ من الاتصال، وهذا كله في موقف المقتدي وراء المسجد.

فأما إذا كان وقوفه في أحد جانبي المسجد، فهو كما مضى، فيعتبر القرب والبعد، كما تقدم في الصحاري، ثم لا فرق بين أن يكون باب المسجد مفتوحاً، وبين أن يكون مغلقاً.

وذكر صاحب التقريب وجهاً، ومال إليه واختاره: أن الباب إذا كان مغلقاً، لم يصح اقتداء الواقف خارج المسجد، وهذا يطرد في كل واقف خارج المسجد أين وقف. وهذا قريب مما صححه العراقيون، من كون الجدار حائلاً مانعاً. والصحيح عندنا: أن الجدارَ المانع من الاستطراق، وبابَ المسجد المغلق، لا أثر له.

ثم حكى الصيدلاني عن صاحب التقريب في تفريع الوجه المحكي عنه أنه قال: إذا كان الباب مفتوحاً، فينبغي أن يقف صف بحذاء الباب، ثم يقف من يقف وراء الصف على حدّ القرب المعتبر في الصحاري، حتى لو وقف واقف قدام الصف المحاذي


(١) كذا في جميع النسخ، والصواب -والله أعلم- بدون (على) مع اعتبار (كان) تامة. وبذا يستقيم الكلام.