والثاني - أنه يقصر، لأن الجمعة ظهرٌ مقصورة عند بعض الأصحاب. وتمام البيان في هذا يأتي في كتاب الجمعة عند ذكرنا نيّةَ صلاة الجمعة.
والمسألة التي ذكرنا الآن مفروضة فيه إذا لم ينوِ المسافر الجمعة، وإنما نوى قصر الظهر، كما كان ينويه كل يومٍ في سفره.
ولو نوى المقيم في الجمعة ظهراً مقصوراً، فهذا هو الذي أحلته على الجمعة، وسيأتي إن شاء الله.
١٢٩٤ - ولو اقتدى مسافرٌ يبغي القصرَ بمسافرٍ متم، لزمه الإتمام، ثم لو أفسد هذه الصلاة على نفسه والوقت قائمٌ بعدُ، فأراد القصرَ، لم يكن له ذلك؛ فإنه التزم الإتمام بالحالة التي جرت له، فلزمه الوفاء به.
ولو تحرم الرجل بالصلاة في البلد، ثم أفسدها على نفسه، وخرج مسافراً والوقت باقٍ، فأراد القصر، لم يكن له ذلك؛ فإنه بالشروع فيها التزم الإتمام.
ولو شرع فيها مقيماً، ثم تبين له أنه محدث، وأن صلاته لم تنعقد، فخرج مسافراً والوقت باقٍ، فإنه يقصر إن أراد؛ فإنه ما شرع في الصلاة مقيماً، بل ظن ذلك ظناً، فلم يوجد منه إلا عزْمٌ على الإقدام من غير خوض فيه على الصّحة.
وكذلك لو اقتدى مسافرٌ بمقيم، وتبين أن المسافر كان محدثاً، فله أن يقصر؛ فإنه ما خاض في الصلاة تحقيقاً.
١٢٩٥ - ولو اقتدى مسافر بمن ظنه مسافراً، ثم تبين له أنه مقيمٌ محدِث، وبان له الأمران معاً، فإنه يقصر الصلاة؛ فإنه ما التزم الإتمام، ولم يلزمه ذلك من جهة قدوةٍ صحيحة؛ فإنه قد تبين أن القدوة باطلة، وهذه المسألة أوردها صاحب التلخيص في كتابه، وتابعه عليها المحققون، والتعليل بيّن.
وحكى الشيخ أبو علي في الشرح وجهاً أنه يلزمه الإتمام؛ فإنه قد أقتدى بمقيم، وبان ذلك، فإن كانت صلاةُ الإمام باطلة، فصلاة المأموم صحيحة، وجنابة الإمام لا تمنع صحةَ القدوة مع الجهل، ولو منعت، لبطلت صلاة المقتدي، كما لو بان الإمام كافراً، وهذا عزاه إلى محمد، وكثيراً ما يحكي في الشرح عنه، ولست أدري