للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فها هو الشيخ أبو حامد يولد في إسفراين - بكسر الهمزة والياء، كما ضبطها الفيروزآبادي، وكذلك ابن خلكان، أما ياقوت في معجم البلدان، فقد ضبطها بفتح الهمزة وياءين -وهي بلدة بخراسان من نواحي نيسابور على منتصف الطريق إلى جرجان- فهو خراساني المولد والنشأة، ولكنه عراقي التفقه، فصار من (أصحابنا العراقيين).

بل إن هذا ينطبق أيضاً على شيخه الدارَكي، فمع أنه دَارَكي، أصبهاني، نيسابوري، خراساني، وتفقه على الشيخ أبي إسحاق المروزي، ودرّس في نيسابور، إلا أنه انتهى بغدادياً (من أصحابنا العراقيين) وانتهى إليه الفقه في بغداد، وعنه أخذ عامة شيوخها (١).

٢ - ومما ننبه إليه أيضاً أن الخراسانيين يسمّون أيضاً بالمراوزة، فتارة يقولون:

" أصحابنا الخراسانيون "، وأخرى يقولون: " أصحابنا المراوزة "، وهما سواء على

حد تعبير ابن الملقن في طبقاته، وقد علل لذلك بقوله: " لأن أكثر الخراسانيين من

مرو وما والاها " (٢) فإن أراد " بما والاها " باقي مدن خراسان: نَيْسابور، وهَراة،

وبَلْخ، وما حولها، فهو صحيح إن شاء الله.

أما إذا أراد بذلك أن أكثر الخراسانيين من مدينة مرو بذاتها، فهذا خلاف الواقع،

فإن مرو ليست كبرى مدن خراسان، فقد حَكَوْا في سبب الجفوة التي كانت بين

أبي القاسم الفوراني وإمام الحرمين= أن الفوارني جاء من مرو إلى نيسابور للعزاء في

الشيخ أبي محمد والد إمام الحرمين، وكان في تقديره أن المتفقهة في نيسابور

سيُجلسونه مكان أبي محمد شيخاً لفقهاء نيسابور؛ فإنهاأكبر من مرو التي كان شيخاً

لها، ولكنه فوجىء بأن أهل نيسابور أجلسوا إمام الحرمين مكان أبيه؛ فأظهر أنه جاء

للعزاء لاغير.

وعلى عادة أئمتنا في ذلك العصر، بقي في نيسابور مدة، ليدرّس، ويناظر،


(١) السبكي: ٣/ ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) ر. العقد المُذهب في طبقات حملة المذهب، لابن الملقن: ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>