أيضاً، ثم إذا اتفق التأخير بعذر الجمع، فقد ظهر الخلاف في أنا في التأخير هل نشترط رعاية الترتيب والموالاة، بين الظهر والعصر؟ فمن أصحابنا من قال: يشترط ذلك، كما يشترط في التقديم؛ فإن الجمع في صورته يقتضي ذلك.
والثاني - لا يشترط بخلاف التقديم، والفرق أن صلاة العصر إذا قُدّمت، فلا تقدّر مقضية أو مؤخرة عن وقتها، فيشترط في صحتها الجمع المحقق صورةً، وذلك يتضمن الترتيبَ والمتابعةَ جميعاًً، فأمّا التأخير، ففائدته إخراج صلاة الظهر عن وقت الرفاهية، ثم صلاة العصر تكون مقامة في وقتها، والظهر مخرجة عن وقت الرفاهية، فلا حاجة إلى رعاية ترتيب أو موالاة. فإن قلنا: لا يشترط الترتيب، ولا الموالاة، في التأخير، فلا تشترط نية الجمع وجهاً واحداً، ولا معنى للجمع على هذا الوجه.
١٣٤٢ - ثم غلط بعض أصحابنا، وقال: صلاة الظهر على هذا الوجه مقضية، وفائدة الرخصة تجويز جعل الظهر مقضية، وهذا زلل، وقلة بصيرة بالمذهب.
والدليل عليه شيئان: أحدهما - أن أصحاب الضرورات إذا زالت ضروراتُهم، وقد بقي إلى الغروب خمسُ ركعات، فنجعلهم مدركين لصلاة الظهر، حملاً على أن الوقت مشترك، ولو كان الظهرُ مقضياً في وقت العصر، في حق المعذور، لما تحقق الاشتراك في الوقت قطعاً، فلزم ألا يكونوا مدركين لصلاة الظهر.
والثاني - أن صلاة الظهر لو كانت تصير مقضيةً بالتأخير، لوجب أن يتوسع وقت قضائها في جميع العمر؛ حتى يقال: يقضيها المرء متى شاء، ولا خلاف أنه لا يجوز للمسافر أن يُخرج صلاةَ الظهر عن وقت العصر.
فهذا إذا لم نشترط الموالاة والترتيب.
١٣٤٣ - فأمّا إذا قلنا: لا بد من رعاية الترتيب والموالاة، فليُصلّ الظهرَ أوّلاً، ثم العصر، فلو صلى العصر أوّلاً، صحت منه صلاة العصر بلا شك؛ فإنها صلاة مقامة في وقتها، ولكن بطلت رخصة الجمع، فإذا أراد أن يصلي الظهر، فهي صلاة مقضية فائتة، مقامة في غير وقتها. وأول ما يظهر من ذلك أنا إذا منعنا قصرَ الفائتة في