للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٣٤٩ - فأمّا الجمع بعذر المطر؛ فإنه سائغ [في الحضر] (١) عند الشافعي، ومعتمد المذهب الحديثُ، وهو ما روي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوفٍ، ولا سفر" (٢)، قال الشافعي: قال مالك: ما أراه إلا بعذر المطر" (٣)، فاستأنس الشافعي بقول مالك، ولم يَرد ذكرُ المطر في متن الحديث.

وجرى هذا مجرى رواية القلّتين، في الماء الكثير، فإن القلة، وإن ترددت بين معانٍ، فلا قائل بشيء منها، فيتعين ردها إلى المختلف فيه، فكذلك حمل الحديث على جمع قال به قائل ممن (٤) يُعتبر قوله. ورأيت في بعض الكتب المعتمدة، عن ابن عمر: "أن النبي عليه السلام جمع بالمدينة بين الظهر والعصر بالمطر" (٥).

١٣٥٠ - ثم كان شيخي يحكي وجهين في جواز الجمع بعذر الثلج من حيث إنه لا يبل الثوب، وقَطَعَ غيرُه بتنزيله منزلة المطر.

فأما الأوحال، والرياح، وغيرها، فلا يتعلق جواز الجمع بشيء منها وفاقاً.

١٣٥١ - ثم الذي جرى عليه أئمة المذهب أن الجمع بعذر المطر جائز تقديماً، وفي جواز التأخير خلاف، والسبب فيه أنه في السفر: إن أخر؛ فإدامة السفر إليه، فأما إن


(١) زيادة من (ت ١).
(٢) حديث الجمع في المدينة من غير خوفٍ، ولا سفر. متفق عليه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، كذا قال الحافظ في التلخيص. وهو عند مسلم بلفظ: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاًً. والمغرب والعشاء جميعاًً في غير خوف ولا سفر". وفي لفظ آخر: "ولا مطر". هذا ولم أجده بهذا اللفظ، ولا بلفظ إمام الحرمين في اللؤلؤ والمرجان.
(ر. مسلم: ١/ ٤٨٩، كتاب صلاة المسافرين، باب (٦) الجمع بين الصلاتين في الحضر، ح ٧٠٥، واللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٣٩، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، ح ٤١١، التلخيص: ٢/ ٥٠ ح ٦١٦).
(٣) الموطأ، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، ح ٤.
(٤) يريد الإمام مالكاً رضي الله عنه.
(٥) حديث ابن عمر في الجمع بالمطر. "ليس له أصل، وإنما ذكره البيهقي عن ابن عمر موقوفاً عليه" كذا قال الحافظ (ر. سنن البيهقي: ٣/ ١٦٨، والتلخيص: ٢/ ٥٠ ح ٦١٥).