للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والركبان، والرجالة، وأخيافُ الناس (١)، ويتعذر اجتماعهم في غير جبّانة، فهذا بيان دار الإقامة.

١٣٦٣ - ثم نبتدىء بعدها تفصيل القول في العدد، فمذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين. وقد اختلف مذاهبُ السلف في ذلك، وحكى صاحب التلخيص قولاً عن القديم أن الجمعة تصح ابتداء من ثلاثة، والإمام ثالثهم، وقد بحث الأئمة عن كتب الشافعي في القديم، فلم يجدوا هذا القول أصلاً، فردّوه.

ومعتمد الشافعي في هذا العدد ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: "مضت السنة أن في كل أربعين، فما فوق جمعة" (٢)، واستأنس الشافعي بمذهب عمر بن عبد العزيز (٣).

ثم قاعدة الشافعي في مسائل الجمعة تدور على شيءٍ، وهو أن صلاة الجمعة مغيرة مخالفة للظهر في سائر الأيام، وهي على صورة صلاة ظهر مقصورة في الإقامة، وقد تمهد في الشرع أنه يُراعَى كمالٌ في الموضع من المقيمين، واجتماعُ شرائط، فالأصل إتمام الصلاة، إلا أن يثبتَ ثَبَت. والجمعة أيضاً جمع الجماعات، ولذلك لا تقام في وقتها جماعة أخرى، فلا بدّ من اعتقاد كثرة، ثم إذا وجدنا مستمسكاً في التقدير ابتدرناه.

فهذا بيان قاعدة المذهب.

وإذا بعد الاكتفاء بأقل جماعةٍ وأدنى جماعة، ولم يشترط أحدٌ كثر من الأربعين، وانضم إليه اعتبار الأقصى، والاحتياط، كان ما ذكره الشافعي غايةَ الإمكان في ذلك.

ثم اختلف أصحابنا في أنا هل نشترط أن يكون إمام الجماعة الحادي والأربعين، أم


(١) أخياف الناس: أي مختلف الناس، وضروبهم وأشكالهم. (المعجم) والمراد هنا جميع الناس: صغارهم وكبارهم، رجالهم ونساؤهم، أحرارهم وعبيدهم.
(٢) حديث جابر: "مضت السنة ... " رواه الدارقطني، والبيهقي. وفيه مقال. (ر. الدارقطني: ٢/ ٤ باب العدد في الجمعة، والبيهقي: ٣/ ١٧٧، والتلخيص: ٢/ ٥٥ ح ٦٢٢).
(٣) ر. سنن البيهقي: ٣/ ١٧١، فقه عمر بن عبد العزيز: ٥٥.