إليه في أثناء التفاريع، من أن هذه المسألة يطرأ فيها انقلاب الجمعة ظهراً، ثم إن لم نجوز، فيطرأ انقلابها نفلاً، ثم ينتهي التفريع إلى البطلان، ويجري في الصور أمرُنا المزحوم وموافقته إيانا ومخالفته لنا، فحيث نأمره ويوافقنا، فلا ينبغي أن نفرع قولَ البطلان أصلاً؛ فإن الأمر بالشيء، ثم الحكم بالبطلان محال، وإذا لم نأمره، فجرى شيء منه عن جهل، أو أمرناه، فخالف جاهلاً، فلا يمتنع انتهاء التفريع إلى البطلان.
وإذا تفطّن المفرع لهذا، كُفي مُؤْنةَ خبطٍ واختلاط في الظاهر (١)، ورجوع من الأمر، وتصوير الموافقة إلى الحكم بالفساد.
والثاني - أنّا حيث نقول: لا جمعة، وتنقلب الصلاة ظهراً في قولٍ، فقد ذكر الشيخ أبو بكر وجهين، في أنا هل نشترط أن يقلبها ظهراً بقصده، أم تنقلب من غير قصده؟ والتوجيهُ فيه: فمن قال: لا نشترط قصدَ القلب؛ فإن الجمعة كصلاة مقصورة، وإن بطل القصر، ثبت الإتمام، من غير حاجةٍ إلى قصدٍ إليه، كذلك هاهنا.
ومن قال: نشترط قصدَ القلب إلى الظهر، قال: بين الجمعة والظهر على الجملة تغاير، وليس بين قصر الظهر وإتمامه إلا زوال القصر، فلا بد في بناء الظهر على الجمعة من قصد. ولعلنا نُعيد هذا من بعدُ.
والثالث - وهو سر مسألة الزحام وبه تمام شفاء الغليل: وهو أن المزحوم إذا تمكن من السجود، والإمامُ بعدُ في قيام الركعة الثانية، فلا ينتهي تفريع هذه الصورة إلى البطلان، إذا امتثل المزحوم ما يؤمر به في جهة من جهات الكلام.
فأما إذا لم يتمكن من السجود حتى انتهى الإمام إلى الركوع في الركعة الثانية، والقولان مشهوران في ذلك، فإن أمر بالركوع، فقد يؤدي إذا وافق إلى الركعة الملفقة، ثم يتسلسل التفريع إلى البطلان لو جرى.
وإذا أمرناه بالسجود، فقد نقول في وجه: هو في هذا الجزء من التخلف مقتفٍ، وليس بمقتدٍ حِسّاً، ثم نقول: هل يحصل الإدراك بهذا؟ ثم يترتب عليه أنه ظهر؟ أم نفلٌ؟ أم تبطل؟