للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الشيخ أبو علي وجهاً بعيداً في شرح الفروع أنه يصير مدركاً للركعة؛ فإنه لو أدرك كلّ الركعة، لكان مدركاً، فكذلك إذا أدرك ركوعَها.

وهذا وإن كان بعيداً، فهو عندي يستند إلى أصل، وهو أن قول الشافعي اختلف في أن إمام الجمعة لو بان محدثاً، فهل تصح جمعة القوم أم لا؟ ففي قولٍ تصح، ولا خلاف أن الانفراد بصلاة الجمعة لا يجوز، فإنَّ شرطَ إجزائها والاعتداد بها القدوة، فإذا قضينا بصحة الجمعة، فقد قضينا بصحة القدوة عند الجهالة بحدث الإمام، فعلى هذا لا يمتنع أن نجعل مدرك الركوع من صلاته مدركاً للركعة على الجملة.

وهذا كله في غير صلاة الجمعة.

١٤٥٠ - فأما إذا فرض قيام الإمام في الجمعة إلى الركعة الثالثة ساهياً، فلو دخل مسبوق واقتدى به في هذه الركعة من أولها، وأدرك قيامَها وقرأ ما يجب أن يقرأ، فهل يصير مدركاً لصلاة الجمعة؟ فيه وجهان مشهوران، مبنيان على القولين في أنه لو بان الإمام محدثاً، فهل تصح الجمعة؟ والفرق بين الجمعة وغيرِها من الصلوات أن الجماعة شرط في الجمعة، ومن ضرورة (١) الجماعة إمام يُقتدى به، فإذا تبين أخيراً أن الإمام [محدثٌ] (٢)، فقد تحقّقَ انعدام شرط معتبرٍ في صحة الصلاة، ولو اقتدى المسبوق به في الركعة الزائدة، وهو عالم بحاله، لم يصح اقتداؤه وفاقاً.

فهذا إذا أدركه في جميع الركعة.

فأما إذا أدركه في ركوع الركعة الزائدة، فإن قلنا: لو أدركه في جميعها، لم يكن مدركاً، فما الظن به إذا أدركه في الركوع؟ وإن قلنا: لو أدركه في تمامها، لكان مدركاً، فالمذهب أن الإدراك في الركوع لا يكون إدراكاً، وفيه وجه بعيد في النهاية (٣) أنه يصير مدركاً.


(١) (ت ١): شرط.
(٢) هذه الزيادة تقديرٌ منا، حيث سقطت من النسخ الثلاث.
ونسجد لله شكراً؛ فقد صدقتنا نسخة (ل) بعد حصولنا عليها.
(٣) بعيد في النهاية: أي في نهاية البعد.