للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفاية، وتتعطل الخطبة بسقوط فائدتها من السماع، وإذا تعطلت، فلا جمعة، وينزل هذا منزلة ما لو انفضوا من عند آخرهم.

وإن لم ينته الأمر إلى هذا، وسمع الخطبةَ أربعون، صحت الجمعةُ.

ثم في تحريم إقدام آحاد الحاضرين على الكلام القولان.

ووجه صحة الجديد أن ذلك في حكم العرف لا يؤدي إلى لغطٍ يُسقط سماعَ أربعين، وتصوير أداء ذلك إلى هذا بعيد، وكذلك انتهاء الهمس إلى هينمة حاجزة [بعيد] (١)، فليفهم الفاهم ذلك.

وفي تحريم التكلم في تشميت العاطس خلافٌ؛ لأنه ليس مما يتعلق باختيار، فلا يؤدي تجويزُه إلى مانع من السماع؛ إذ هو يقع نادراً من غير اختيار، ثم في التعبد تردُّد بعيد كما رتبه الأئمة.

وأما الخاطب، فيجب عليه رفعُ الصوت قطعاً، وإن لم نوجب الإنصات، فإنا مع جواز التكلّم أوجبنا أن يحصل سماعُ أربعين.

١٤٨٩ - وأما كلام الخطيب فقد حكى شيخي فيه قولين، وهذا غلط عظيم، مشعر بالذهول عن حقيقة المسألة؛ فإن الإمام إذا تكلم، فليس متمادياً في تلك اللحظة على الخطبة، فكان كما لو سكت لحظة، فأما إذا كان [مارّاً] (٢) في خطبته، والحاضر يتكلم، فهو في وقت جريان الخطبة مشتغل بما قد يؤدي إلى قطع السماع، فكيف يتشابهان؟ أم كيف يتلقى الفطنُ كلامَ الخطيب من كلام المستمع؟ ثم صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسائل في أثناء الخطبة قتلةَ (٣) ابنِ أبي الحُقيق عن كيفيةِ القتل. وشرْحِ ما جرى لهم، وحَمْلُ هذا على شرح مسألةٍ في الشرع تكلف بعيد، لا سبيل إلى قبوله أصلاً.


(١) مزيدة من (ت ١).
(٢) في الأصل، وفي (ت ١): لما رأى. والمثبت تقدير منا، والمعنى: مستمراً في خطبته.
والحمد لله جاءت (ل) بموافقة تقديرنا.
(٣) ها قد ذُكر لفظ (قتلة) هنا. الذي سقط من السياق آنفاً، فأدى إلى أن يحمل الحافظ بن حجر على الإمام، ويصفه (بالغلط الفاحش). رضي الله عن الجميع.