وأما الطائفة الثانية، فإنهم يقومون إلى الركعة الثانية على صورة الانفراد، ثم يعودون -على الجديد- ويقتدون. فإن فرضنا هذه الصلاة في حالة الأمن والاختيار، فنقول: إذا انفردت الطائفة الأولى من غير عذر، ففي صحة صلاتهم قولان مشهوران تقدم ذكرهما، وأما الإمام، فإنه ينتظر، وقد ذكرنا في الانتظار في حالة الاختيار قولين، ثم قلنا: إذا لم نأمر به، فهل تبطل به صلاة الإمام أم لا؟ فعلى قولين، فإذا فرضنا الصلاة في حالة الاختيار، وقلنا تبطل صلاة الإمام، فالطائفة الثانية تلحق وقد بطلت صلاة الإمام، ولا يكاد يخفى تفريع ذلك في العلم والجهل.
وإن لم تبطل صلاة الإمام بسبب الانتظار، فالطائفة الثانية إن جرت على ما ذكره مالك -وهو القول القديم- فصلاتهم صحيحة؛ فإنهم جروا على الترتيب الشرعي في صلاة المسبوق، وإن جروا على قياس القول الجديد، فقد انفردوا، ثم عادوا فعلَّقُوا صلاتهم بالقدوة، فيجتمع فيهم أصلان: أحدهما - الانفراد من غير عذر.
والثاني - أن المنفرد إذا نوى الاقتداء بعد الانفراد، فهل يصح ذلك منه؟ ففي فساد صلاتهم حالة الاختيار عند طريان ما ذكره قولان مأخوذان من هذين الأصلين، فهذا بيان ما أردناه في هذا.
فرع:
١٥٢٠ - إذا أراد الإمام أن يصلي بالطائفتين صلاة المغرب؛ فإنه يصلي بطائفة ركعتين، وبطائفة ركعة، وهذا التفصيل لا بد منه؛ فإن تشطير الثلاث عسر، ثم اختيار الشافعي فيما نقله الأئمة أن الإمام يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة. وإنما اختار ذلك؛ لأنه لو صلى بالطائفة الثانية ركعتين، لاحتاجوا إلى الجلوس معه في التشهد الأول، ولا يكون محسوباً لهم، وحالة الخوف لا تحتمل هذا.
ثم نص الأصحابُ قاطبة على أنه لو صلّى بالطائفة الأولى ركعةَ، وبالثانية ركعتين، جاز.
وفي بعض التصانيف (١) عن الإملاء أن الأولى أن يصلي بالطائفة الثانية ركعتين،
(١) كنت أظن أن إمام الحرمين يعني بقوله: "بعض المصنفين" و"بعض التصانيف" الماوردي، =