١٥٣٤ - ذكر الشافعي صلاةَ شدة الخوف، ثم ذكر بعدها صلاةَ عُسفان، وينبغي أن يكون فرض الصورة حيث يكون العدوّ في وِجاه القبلة، ولم ينته الأمر إلى الالتحام وشدة القتال والخوف، وقد رُوي أن النبي عليه السلام صلى بعُسفان (١) في مثل الحال التي وصفناها، وصلى معه جميعُ الأصحاب دفعة واحدة، ووقفوا صفين، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، بقي الصف الأول قائمين ينتظرون ما يكون من العدوّ، وتخلّفوا في السجدتين، وسجدَ وراءهم أهلُ الصف الثاني، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وانتصب الصف الثاني، سجد الحارسون، ولحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لما انتهى عليه السلام إلى السجود في الركعة الثانية سجد من في الصف الأول، وحرس من في الصف الثاني، فلما قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتشهد، سجد الحارسون من الصف الثاني، وتناوب الصفان في الحراسة كما رويناه.
فهذه صفة صلاته عليه السلام، وتمام النقل فيه أن خالد بن الوليد كان بعدُ مع الكفار، لم يسلم، وكانوا في قُبالة القبلة، فلما دخل وقت العصر تناجَوْا وقالوا: قد دخل عليهم وقت صلاة هي أعز عليهم من أبدانهم وأرواحهم، فإذا شرعوا فيها، حملنا عليهم حملة رجل، فنزل جبريل عليه السلام، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أضمروه، فصلى مع أصحابه كما وصفناه.
ثم المنقول تناوب القوم في الحراسة، فلو قام بالحراسة في الركعتين جميعاًً طائفة
(١) حديث صلاة عسفان رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وابن أبي شيبة، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، كلهم من حديث أبي عياش الزرقي، وفيه تعيين عسفان، وخالد بن الوليد، وقد رواه مسلم من حديث جابر بدون ذكر عسفان، وخالد (ر. مسلم: صلاة المسافرين، باب صلاة الخوف، ح ٨٣٩، أبو داود: الصلاة، باب صلاة الخوف، ح ١٢٣٦، النسائي: الصلاة، باب صلاة الخوف، ح ١٥٥٠، ١٥٥١، أحمد: ٤/ ٦٠، ابن أبي شيبة: ٢/ ٤٦٥، الدارقطني: ٣/ ٦٠، ابن حبان: ٢٨٧٦، الحاكم: ١/ ٣٣٧، البيهقي: ٣/ ٢٥٧، صحيح أبي داود للألباني: ١٠٩٦).