للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهة أن القِرْنَ قد يتقي، فتخطئه الضربة، وتمَسُّ الحاجة إلى أخرى، وقد لا تؤثر الضربات لمكان الدروع وغيرها من الملابس الواقية، فالحكم بأن الغالب أن تُريح (١) الضربة والضربات غير ظاهر، وكلام الصيدلاني مصرّح في فحواه، بأن الحاجة إذا مست إلى ترديد الضربة في مضروب واحد، لم تبطل الصلاة؛ فإنه قال لما ذكر هذه المسألة: المعتبر في ذلك كله الحاجة.

ولا وجه عندي إلا هذا.

١٥٤٤ - والقول القريب فيه أنا حكينا قولاً في كتاب الطهارة: أن من صلى كما أمرناه وإن كانت صلاته مُختلّة بسبب عُذر نادر لا يدوم، فلا قضاء عليه، وهذا مذهب المزني، فينبغي أن يُتَّخذ هذا أصلاً، ويُرتّب عليه جريان الضربات في مضروب واحد، وهو أولى بإسقاط القضاء؛ لما أشرت إليه.

فأما الأفعال التي لا حاجة إليها، فلا شك أنها إذا كثرت أبطلت.

ومما يليق بتحقيق القول في ذلك أن المصلي لو لم يمر به قِرْن، ولكن كان يقتضي ترتيبُ القتال أن يُقصِد وإن لم يُقصَد (٢)، فهذا أراه من الأفعال الضرورية؛ فإن من لا يُقْصِد في القتال يُهْتَضم ويُتعسّى (٣) في التفاف الصفوف، وهذا واضح إن شاء الله.

فهذا ترتيب القول في الأفعال إذا كثرت أو قلت.

١٥٤٥ - فأما القول في تلطخ السلاح بالدم أو تضمخ المصلي نفسِه، فالذي ذكره الأئمة أنه إذا تلطخ السيفُ بالدم، فإن نحاه على القرب بأن يلقيه، أو يردّه في قرب من زمان الإلقاء إلى قرابه تحت ركابه، فهذا لا يضر، وإن أمسكه ولم يفارقْه، بطلت صلاته.

وهذا عندي فيه نظر؛ فإنَّ تلطخ السلاح بالدم والطعن على الوِلاء في شدة


(١) في النسخ الأربع، بدون إعجام، وهذا الذي اخترناه هو الصواب -إن شاء الله- وهو موافق لأسلوب إمام الحرمين، وبيانه العالي، فأراح فلانٌ: مات، وأراح فلاناً: أدخله في الراحة.
ومن مأثور العرب: أراح فأراح: أي مات فاستريح منه (الأساس، والمعجم).
(٢) لعلها من أقصد فلاناًَ إذا طعنه، فلم يخطىء مقاتله. (معجم) فيكون المعنى: أن يبادر بالطعن بطعن القِرْن، وإن لم يطعنه.
(٣) كذا في النسخ الثلاث، والمعنى إذاً: يُطْلب: من تعسَّى صاحبه طلبه. وفي (ل): يتغشى.