للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا أولاً: ظاهر القرآن لا تفصيل فيه؛ فإن الرب تعالى قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩].

ثم في هذا تحقيق من الأصول، وهو أنا لا ننكر إجراء القياس في باب الرخص، إذا لم يمنع مانعٌ، والإجماع في منع إجراء رخص السفر في المرض [من أجلّ الموانع] (١)، فلا يمتنع أن نعتقد عدم انحسام القياس الممكن في باب إذا لم يمنع منه أصل.

وذكر الأئمة أن المعسر المديون إذا كان لا يصدقه غريمه في إعساره (٢)، ولو أدركه، لحبسه، فله أن يهرب ويصلّي صلاة الخوف، إذا كان يعلم أنه لو صلى أدركه الطالب، وهذا منقاس.

وفي بعض التصانيف أن من عليه القصاص يصلي صلاة الخوف هارباً، وله أن يهرب لرجاء العفو عنه. وهذا قد ذكرته في أعذار الجماعات، وهو بعيد عندي على الجملة، ولعله إن جُوّز، ففي ابتداء الأمر حين (٣) يفرض سكون غليل الطالب قليلاً في تلك المدة، وفي مثل ذلك يرجى العفو، ولا شك أن ذلك لا يدوم أبداً في كل حكم ذكرنا فيه عذراً. وإن صح جواز الهرب فيه، فمن ضرورته تصحيح إقامة صلاة الخوف، ولكن الإشكال في جواز الهرب من مستحق الحق، وليس ذلك كالمعسر يهرب؛ فإنّ أداء الدين غير مستحق عليه.

فرع:

١٥٥٤ - إذا قرب فوات الوقوف، ولو صلى المُحرم متمكناً، لفاتته الحجّة، ولو تسرع، فاتته الصلاة، فهذا عسر في التصوير، ولكن الفقهاء يقدّرون ما لا يدرك حساً، ويُجرون الكلام على التقديرات، كفرضهم مقدار تكبيرة تدرك من آخرِ النهار، وهذا مستحيل في مطّرد العادة، قال شيخي فيما نقله عن القفال: هذا يَحتمل أوجهاً: أحدها - أن يترك الصلاة؛ فإن قضاءها ممكن، وأمر الحج وخطرُ قضائه ليس بالهيّن.


(١) زيادة من (ت ١)، (ل).
(٢) (ل): إعدامه.
(٣) في (ل) "حيث".