جرى من الشهادة، وإن أصغينا إليها، ثم ينوون والحالة هذه أداء صلاة العيد، ولا يعتقدونها مقضية.
ويلتحق هذا بما قدمناه في الصورة الأولى، وهي أن يقيموا الشهادة بعد الغروب، فإن قيل: هلا فرقتم بين هذه الصورة والأولى، من جهة أنكم قد أصغيتم إلى هذه الشهادة نهاراً، ثم التعديل وإن بان آخراً، فقد استند إلى حالة الشهادة، قلنا: لا فرق؛ فإن العدالة عماد الشهادة، وإن تأخر العلم بها، فقد صام الناس وبنَوْا أمرهم على أن يُعيدوا يوم الحادي والثلاثين، فإذا طلعت الشمس، فلا يُصغَى إلى التعديل كما لا يصغى إلى إنشاء الشهادة بعد الغروب، فالتعديل في هذا الوقت ساقطٌ إذن، ولو لم يعدَّلوا، لما كان للشهادة حكم، فكذلك إذا عُدّلوا بعد طلوع الشمس.
١٥٩٩ - فأما إذا وقعت الشهادة نهاراً، وعدّل الشهود بعد الغروب، قبل طلوع الشمس، فهل نعيِّد غداً، وهل نصلي صلاة العيد حقيقة؟ ذلك أنا هل نحكم في هذه الصورة بفوات صلاة العيد؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها فاتت؛ لأن هذه الشهادة أقيمت نهاراً، وسمعت، ثم عدّل الشهود قبل دخول وقت الصلاة في الحادي والثلاثين، فلنَقْضِ بالفوات، ثم نتكلم بعد ذلك في القضاء.
والقول الثاني - لا تفوت؛ فإن التعديل جرى بعد ما أتم الناس الصيام، فتؤول فائدة التعديل، إلى ترك الصلاة، فيسقط أثر التعديل، ومن حكم سقوط أثره أداء الصلاة.
فإن قلنا: لا أثر لهذا التعديل، فتؤدَّى الصلاة، كما لو عدّلوا بعد طلوع الشمس.
وإن قلنا: قد فاتت الصلاة، فهذا الآن ينبني على أصلين: أحدهما - أن النافلة هل تقضى؟ فإن قلنا: لا تقضى، فلا كلام، وإن قلنا: تُقضَى، فصلاة العيد هل تقضى؟ فعلى قولين مبنيين على أن صلاة العيد هل يشترط فيها ما يشترط في صلاة الجمعة أم لا؟ فإن قلنا: إنها كصلاة الجمعة، فلا تقضى كما أن صلاة الجمعة لا تقضى.
١٦٠٠ - وقد يطرأ على ما ذكرناه شيء كما نذكره في الصورة التي تلي هذه، فلو شهد الشهود نهاراً وعُدّلوا نهاراً، فالناس يفطرون لا محالة، ثم إن جرى التعديل بعد الزوال، فظاهر المذهب أنا نحكم بفوات صلاة العيد؛ فإن الشهادة سُمعت وعُدلت